http://kouttab-al-internet-almaghariba.page.tl/
  كتاب 'الأدب الإماراتي الحديث
 
كتاب 'الأدب الإماراتي الحديث
كتبها : مجموعة إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة في الثلاثاء، 21 ديسمبر، 2010 |
قراءة في كتاب 'الأدب الإماراتي الحديث
الطاهرالطويل
بأقلام مغربية': أصوات إبداعية تستلهم
ثقافة البر وثقافة البحر

تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة نهضة ثقافية تشمل مختلف ميادين الفكر والأدب والفن والإبداع، يساهم فيها العديد من الأدباء والمبدعين ذوي المشارب المتنوعة. واستطاعت التجارب الأدبية الإماراتية أن تنحت لها مواقع قدم ليس على الصعيد المحلي فحسب، وإنما أيضا على الصعيد العربي، أولاً بفضل جدارتها الإبداعية، وثانياً نتيجة الدعم المرصود لها من لدن المؤسسات الثقافية الإماراتية، الرسمية منها والجمعية.
وقد تعددت المقاربات التحليلية للمتن الأدبي الإماراتي، وكان من أبرزها مؤخرا العمل الهام الذي أقدمت عليه مؤسسة 'منتدى أصيلة' المغربية، بإصدارها كتابا يضم قراءات شاملة في جل الإنتاجات الأدبية والفنية الإماراتية، من شعر وقصة ورواية ومسرحية وسيرة ذاتية وأدب الأطفال وأدب الرحلات وغيرها. وتولى هذه القراءات عدد كبير من النقاد والكتاب المغاربة الذين لبوا دعوة المؤسسة المذكورة، وقد شكلت هذه الدعوة النسبة لمعظمهم 'حافزا ومناسبة ملائمة للانفتاح على الأدب الإماراتي الحديث، وتعميق التواصل مع منجزه الإبداعي، حيث شكل هذا الكتاب بالنسبة لهم نافذة جديدة للإطلالة على هذا الأدب، من منطلق إعجابهم بمنجزه الإبداعي الرفيع، فقد ركزت مختلف المساهمات والقراءات والدراسات على تمثل جوانب أساسية في هذا الإبداع، وإبراز قيمته الجمالية والتعبيرية والتحليلية والدلالية'، كما جاء في مقدمة الكتاب الذي أعدّه الناقد عبد الرحيم العلام.
وتضيف المقدمة التي تحمل توقيع محمد بن عيسى أمين عام 'منتدى أصيلة': 'إن ثمة بالفعل حراكا أدبيا نوعيا، وتحولا لافتا في خارطة الإبداع الأدبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما تعكسه بالفعل طبيعة التراكم الأدبي المتزايد، واتساع دائرة الأصوات والأقلام الجديدة التي تكتب في مختلف أجناس التعبير الأدبي، وخصوصا في الشعر والقصة والرواية والمسرحية، فضلا عن التشجيع والدعم المتواصلين اللذين توفرهما دولة الإمارات وحكومتها ومؤسساتها ومراكزها الثقافية للمبدعين والأدباء الإماراتيين ولغيرهم من الأدباء العرب، لأجل تحفيزهم على الكتابة والعطاء والإبداع، سواء عبر تنظيم الملتقيات والندوات في هذه الإمارة أو تلك، أو عبر إقامة الجوائز التقديرية والتشجيعية، أو عبر دعم حركة النشر، أو عبر غيرها من أوجه الدعم وأشكال التحفيز'.
كل ذلك، إذن، جعل من الأدب الإماراتي اليوم من بين أهم الآداب والتعبيرات الإبداعية والجمالية العربية، بما هي حركة تساهم فيها المرأة الإماراتية الكاتبة إلى جانب الكاتب الرجل في بلورتها وإثرائها وتطويرها، موازاة مع ظهور جيل جديد من الأدباء والكتاب الإماراتيين الشباب، ممن يقبلون بعشق وبخطى حثيثة ومضيئة على مغامرة الكتابة الإبداعية في أبعادها الشعرية والسردية.
وبتعبير الأديب والإعلامي المغربي حكيم عنكر، فإن من يريد مقاربة الثقافة الإماراتية اليوم لا سبيل له إلا بقراءة واعية للتاريخ الثقافي المحلي والخليجي والمياه المختلفة التي تشكلت في أفقه، وأولها: ثقافة البر وثقافة البحر، وكأن هذه التجربة لا تستقيم مراكبها إلا على أصوات 'النهامين' القدامى (المغنين الذين يرافقون البحارة على ظهر السفن) وهم يعبرون بحر العرب في اتجاه المحيط الهندي حيث مصايد اللؤلؤ.
ويلاحظ الكاتب نفسه أن المشهد الثقافي في الإمارات بقدر جدته والزمن القصير الذي راكم فيه إنتاجه بالقياس إلى المشاهد الثقافية العربية الأخرى، يرشحه لتحولات عميقة في المستقبل قد تمس ماهية هذه الثقافة، إذا نظرنا إلى قوة التحولات التي تتم على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، وأيضا إلى التّماسات اليومية مع المكتسب المعرفي الغربي في أعمق تجلياته. ويؤكد حكيم عنكر أن مرحلة الثمانينيات شهدت على المستوى الثقافي ـ في الإمارات ـ أكبر الإنجازات وأكثرها تحولا وجذرية من حيث الانتماء المعرفي والفكري لتلك الأصوات الأدبية في مجالات القصة والشعر على وجه الخصوص، وأيضا من خلال بروز بداية تأسيس للممارسة التشكيلية من خلال جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وتبلور شكل تنظيمي للممارسة الثقافية من خلال إطار اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الذي ساهم بفعالية في الحراك الثقافي وفي بلورة نوع من الشكل التنظيمي للممارسة الثقافية الإماراتية.
ويحدد الناقد يوسف ناوري أهم عناصر التحديث التي وجهت الإنتاج الثقافي في الإمارات العربية المتحدة منذ بداية الوعي بالزمن الحديث ضمن العلاقة بالمركز والأحداث العالمية الكبرى واكتشاف النفط في النقط التالية:
1 ـ تطور بنية التعليم بفضل جهود الشيوخ والتجار خاصة ابتداء من سنة 1945، وبالأساس الدور الذي لعبه تجار/ شعراء حاولوا دائما تثبيت انتمائهم لثقافة ولقيم عربية إسلامية، كما هو مشهود به للقواسمة والعويس...
2 ـ الانفتاح على الثقافة العربية الحديثة، من خلال الرحلة وانتقال الكتاب والمجلات والدور الذي لعبته بلدان مصر والشام والعراق بالخصوص في ضمان الاتصال بمستجدات الحياة الثقافية والسياسية العربية وأعلامها، وأيضا التواصل مع الموروث والقيم المشتركة من خلال التنقلات والجرائد والمطبوعات التي كانت تصل موانئ الإمارات.
3 ـ الصحافة: إلى جانب ما كان يصل الإمارات (بعد افتتاح قناة السويس) من مصر، انطلقت الصحافة الإماراتية بسيطة منذ الثلاثينيات في مدينة العين ثم دبي والشارقة، قبل أن تتمكن من ترسيخ حضورها، إلى جانب الحراك الذي خلقته مجموعة من المجلات الأدبية.
4 ـ المؤسسات الأدبية والثقافية التي ساهمت منذ الثمانينيات في إنشاء وعي إبداعي ونقدي متصل بالثقافة العربية قديمها وحديثها، وأيضا في توجيه العناية إلى الآخر الأوروبي والانفتاح على ثقافته.
5 ـ مساهمة الندوات والجوائز في فتح الباب أمام روح الإبداع والتنافس بين المثقفين والمبدعين كجائزة ندوة الثقافة والعلوم وجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية وجائزة الشارقة للإبداع الأدبي.
وفي استقرائه لخصوصيات المشهد الشعري الإماراتي المعاصر، يبرز الناقد عبد الحق ميفراني السمات التالية:
ا ـ حضور لافت لتجارب شعرية تنتمي إلى قصيدة النثر، وهو ما يَسِمُهُ عمر شبانة بمفهوم 'هيمنة قصيدة النثر' على القصيدة الجديدة في الإمارات.
ب ـ حضور المرأة بقوة في ما يقدم صوتا منفردا من داخل ديدن الممارسة الشعرية الإماراتية: ظبية خميس، صالحة غابش، نجوم الغانم... وغيرهن.
ج ـ شعرية الألم والتشظي: الشاعرة نجوم الغانم تنظر للمدى 'لأن الأسوار شاهقة والأحزان كذلك'، في حين تشير الشاعرة هدى السعدي إلى أن دمها 'موشوم فوق خريطة الجسد النحيل'، أما الشاعر محمد المزروعي فيخبرنا أنه 'رغم كل شيء الموتى في السرير' بينما روحه التائهة ترسم على السرير جسما مشغولا بفنائه، وينهي الشاعر عبد العزيز جاسم هذه الهيولى بقوله 'إن الأشياء تلك التي أجريت معها حوارا مطولا عن الإفلاس والحلم والخسارات، لم أعد أعرفها أو أطيقها'، أما الشاعر عبد الله عبد الوهاب فقد أنهى الأمر بقوله 'لقد تأخرت كثيرا أيها الموت'.
في محور القصة القصيرة الإماراتية، يرى الناقد نجيب العوفي أن هذا الجنس الأدبي في الإمارات كان موسوما بمياسم الحداثة والجدة منذ انطلاقته، ومحكوما بإيقاع العصر ونبضه منذ البواكير الأولى. ويتوقف الناقد المذكور عند ثلاث مجاميع قصصية لكاتبات إماراتيات رائدات: 'فيروز' لمريم جمعة فرج'، 'طفول' لسعاد العريمي، 'هاجر' لسلمى مطر سيف. أما الكاتبة المغربية رشيدة بنمسعود فتُقارِب المجموعتين القصصيتين: 'ماء' لمريم جمعة فرج و'آثار على نافذة' لفاطمة محمد.
وبخصوص الرواية، يثير الأديب المغربي محمد عز الدين التازي إشكالية غياب بيبليوغرافيا للمتن الروائي الإماراتي، وكذا عزوف جل المبدعين الإماراتيين عن كتابة الرواية، ملاحظا أن كم النصوص الموجودة بهذا الصدد قليل جدا، إذ لا يتعدى الثلاثين رواية أو يتجاوزها بقليل. ثم يقف عند بعضها: 'شاهندة' لراشد عبد الله النعيمي (باعتبارها أول رواية كتبها إماراتي ونشرت في 1971)، و'الأمير الثائر' و'الثلج الأبيض' لسلطان بن محمد القاسمي، و'كريمة' لمانع سعيد العتيبة، و'سالم' لعلي أبو الريش و'أحداث مدينة على الشاطئ' لمحمد حسن الحربي، وكذا روايات الأديبات حصة جمعة الكعبي وباسمة يونس وأمنيات سالم على التوالي: 'شجن بنت القدر الحزين'، 'ملائكة وشياطين'، 'حلم كزرقة البحر'.
وفي مجال السيرة الذاتية، يطالعنا كتاب 'سرد الذات'. وفي قراءة هذا النص يقول عبد الرحيم العلام: 'أن يقدم الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على كتابة سيرته الذاتية، فهذا ليس بأمر غريب عن الرجل، بالنظر لوضعه الاعتباري، ولطبيعة حضوره الأدبي والثقافي والعلمي والفكري، ولإسهامه اللافت والمؤثر في تحريك المشهد الأدبي والثقافي في بلاده الإمارات العربية المتحدة، ومواصلته إثراء المكتبة العربية بعديد الكتابات المسرحية والروائية والتاريخية والعلمية، ولتمرسه الطويل بالكتابة والتأليف، هو الذي له باع طويل ومجموعة من المؤلفات المنشورة في مجال اهتماماته الثقافية والأدبية'.
أما في جنس المسرحية، فيحلل الناقد حسن يوسفي حضور التاريخ في نصوص الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، فيما يستقرئ عبد المجيد شكير نص 'السدادة' لصالح كرامة. وفي الرحلة يقرأ عبد الرحيم مؤدن نص 'مدائن الريح' لعبد العزيز المسلم. كما يضم الكتاب إطلالة على أدب الأطفال في الإمارات من خلال مساهمة لجميل حمداوي. وفي النقد الأدبي، يقرأ العربي بن جلون كتاب 'نقوش على أبواب النبط' لظاعن شاهين.
وعودا على بدء، يمكن التأكيد على أن كتاب 'الأدب الإماراتي الحديث بأقلام مغربية' حقق أحد الأهداف التي توخاها معده وناشره، والمتمثلة في تعميق أشكال التواصل الثقافي والأدبي بين النقاد والكتاب المغاربة وبين المبدعين والأدباء الإماراتيين.
كاتب صحافي من المغرب
tahartouil@hotmail.com


 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free