استطلاع :
ماذا يريد المثقف من السلطة اليوم ؟
محمد القذافي مسعود *
علي الموسوي / شاعر عراقي . ( مغترب )
جميلٌ هو سؤالك يا محمد ومباغت...في زمن النظام البائد في العراق كانت مهمة المثقف صعبة إلا إنها ليست أصعب من الزمن الحالي...في ما مضى كان هناك حزب أوحد ودولة واحدة وحاكم واحد...لهذا تستطيع أن تبتعد عن محرماته إلا انك الآن أن كتبت عن الدين صرخ العلمانيون وان كتبت عن الجنس صرخ الإسلاميون وان كتبت عن التطبيع صرخ القوميون وان كتبت عن القومية صرخ التقدميون وربما تتسلل بين هذا الصراخ رصاصةٌ ما لتقبِّل جبينك كما يقول الشاعر عمر الجفّال...لا يريد المثقف من الدولة حاليا سوى "جفيان الشر" واعني به أن يتركوننا وشأننا فلا نريد منهم نقوداً ولا رعاية ولا طباعة فنحن منذ آدم لم نستلم من الوزارات وخاصة وزارة الثقافة إي شيء للأديب العراقي...تصوّر أن بلداً بحجم العراق ثروته لا يصدر عنه أكثر من 4 مجلات وعدة صحف (واعني بها الحكومية) ولا يُنشر عن وزاراته إلا نزر قليل من مؤلفاتنا (بعد أن يعمل الرقيب موظفاً صحيا حينما يُشذب ويختن النص) وبطباعة رديئة وبعد انتظار يتعدّى السنة الكاملة...علاقة السلطة بالمثقف على مر العصور هي علاقة قط وفأر وخاصة بالمجتمعات العربية...لا نبحث نحن كمثقفين عن شيء سوى كسرة هدوء وقطرة حُرية...وكفى بهن منشأً للإبداع..
صبيحة شبر / قاصة وروائية عراقية ( مغتربة )
جواب هذا السؤال يختلف ، باختلاف المثقفين ، واختلاف السلطات ،بعض المثقفين يريدون الشهرة ،وان تترجم كتبهم إلى اللغات الأخرى ، وان يتمتعوا بالتفرغ للإبداع ، وان يحصلوا على إشباع ما يريدون من حاجات ، بمعنى أن يكون لهم راتب جيد ، قادر على تلبية حاجاتهم ، والتي تتزايد باستمرار ، هذا النوع من المثقفين بإمكانه أن يحصل على رضا السلطة عنه ، فتمنحه ما يريد ، لقاء إغماض العين ، عما يراه من انتهاكات صارخة ، لحقوق الإنسان ، ما دامت بعيدة عنه ، وعن أحبابه المقربين ، وبعض المثقفين لا يرضيهم ان يسكتوا ،عن التجاوزات الكثيرة ضد بني الإنسان سواء كانت صادرة ، من جهة حكومية أو شعبية ، فيظل محتجا بقلمه ، فلا يكسب رضا السلطة ، بل نقمتها ، وكما أن المثقفين يختلفون ، فان السلطة تتنوع أيضا.
وفاء عبدالرزاق / شاعرة وكاتبة عراقية ( مغتربة ) .
لاشيء، فقط تعطيه حقه في الحياة والتعبير عن رأيه بكل حرية وأن تتركه يختارها وبحرية أيضا دون شروط سياسية مسبقة ، وأن تضع المثقف المناسب في المكان المناسب ولا تجعل من سلطتها عين رقيب كي يستطيع المثقف أن يجعل للحياة قيمتها الإنسانية. ما أجده اليوم هو خداع النفس وخداع الآخرين .
د. سناء شعلان / كاتبة وباحثة أردنية
المثقف الحق الذي لم تعبث به الوصوليّة والمصلحة ، وبقي نظيفاً بعيداً عن الانحياز والبيع والشّراء والاستجداء والتكسّب على حساب المصالح الوطنية والاعتبارات الإنسانية هو باختصار أنموذج الإنسان التقدمي الطليعي الحالم بغد أفضل للجميع، وهو بذلك يطالب السّلطة بما تملك من قيمة اعتبارية وأدوات إدارة وسلطة وتحكّم أن تقوم بدورها الطبيعي في إحقاق الحق، وإدارة مقدّرات الوطن عبر حمايتها واستثمارها وتنميتها ليعمّ خيرها على أكبر عدد من أبناء الوطن عبر منظومة عملية عادلة تحقق العدل والإخاء والاحترام لإنسانية كلّ فرد من أفراد منظومتها الوطنيّو عامة، إلى جانب رسم خطط تنموية وسياسية تحدّد ملامح العلاقة مع الذات والوطن والآخر بما يصون كرامة الوطن أولاً، ويحترم إنسانيّة الإنسان في كلّ مكان ثانياً، فالوظيفة الأولى للسّلطة يجب أن تكون وظيفة حيوية إحيائية تبغي البناء و الإصلاح والتنمية والحماية، والمثقّف عليه أن يكون الرّقيب الذي لا يغفل ولا ينام ولا يساوم على هذا الحق، ويكون الضمير الضّابط للسّلطة لتضطلع كما يجب بهذا الدّور الخطير والأساسي.
إباء إسماعيل / شاعرة سورية تقيم في أمريكا .
يريد المثقف أن تكون له سلطة في السلطة دون أن يكون في السلطة، بمعنى آخَر، أن يمتد تأثيره الثقافي الإبداعي والتعبوي إن شئت، لتمتد قوته لتؤثر في مسار اتجاه السلطة، وبذات الوقت، لا يرغب أن يكون جزءاً من السلطة، لأنه حينها ، قد ينقلب السحر على الساحر ويصبح هو السلطة!
د . كاترين ميخائيل / كاتبة وناشطة حقوقية عراقية .
دعني أوضح بعض الأمور وبعدها أتكلم عن مطاليب المثقف .
الصراع كان موجودا منذ ظهور الأديان بين رجال الدين والمثقفين منذ الخليقة وكان المثقفين يتمثلون بالشعراء والخطباء حين ذاك . لعب رجال الدين دورا ذكيا كلما ظهر شاعر أو ناقد أو خطيب كانوا يحاولون احتوائه ودعمه ماديا بجلبه إلى البلاط وجعله احد المستشارين للقائد الديني أو السياسي . هنا سوف أتكلم بشكل رئيسي عن بلدي العراق
المثقف هو النور الذي يضيء الطريق للشعب عامة إلا في العراق الذي غيب المثقف من الساحة السياسية ؟
هجرة المثقفين والاكادميين من العراق منذ زمن الملكية وليس الآن فقط . يترك المجتمع العراقي يعيش يتيم . يترك المجال واسع لرجل الدين الذي لم يتطور مع تطور الآلة والمجتمع والتكنولوجية بل يريد أن يبقي الناس أميين كي يسهل عليه بسط نفوذه . يستثنى القليل منهم .
عدم وجود الفهم الواضح لعبارة _ فصل الدين عن الدولة عند رجال الدين_ وعند غالبية المجتمع وبالأخص عند الجيل الجديد الذي هو الآن ضحية الإرهاب القومجي والإرهاب الطائفي المستورد من الخارج وهو دخيل على الشعب العراقي بشكل عام . رجال الدين الموجودون في المنطقة غالبتهم من المستبدين ولم يقبلو بثقافة الحوار كل يعتبر دينه أفضل من الآخر وعليه يجب أن تكون زمام إدارة الدين ومؤسساته والمجتمع والدولة بيده فقط .
غياب دولة المؤسسات هو عامل رئيس لعدم الاهتمام بالمثقف العراقي . كان في العراق نقابات تابعة للأحزاب السياسية بالتالي ليس للمثقف حرية التفكير والتعبير عن رأيه الشخصي . العراق بحاجة إلى مؤسسات ثقافية لتنشيط الحركة الثقافية وإطلاق سراحها من خطر المتخلفين الذين يخرجون كل يوم بفتوى لإرجاعنا إلى زمن القرون الوسطى .
في العراق يقيم الكاتب أو الفنان وحتى الأكاديمي وفق نهجه السياسي في عمله وليس وفق إمكانياته المهنية . هذا مما يفقد الشعب العراقي طاقات هائلة واكبر مثال على ذلك قتل مستشار وزير الثقافة قبل أيام كامل شياع الرجل الذي لم يعرف السلاح ولم يعرف الطائفية .
لم تستطع الحكومات السابقة والحالية المتتالية التمييز بين المثقف السياسي والسياسي المثقف . المثقف الذي يحمل هموم الناس ويضعها أمام السياسي ويتمعن بأمور السياسة , وله وظيفة تشخيص أخطاء السياسيين وفق وجهة نظره ممكن أن تكون صحيحة أو خطا . أزمة حقيقية تعاني منها الحكومة العراقية هي سيطرة السياسي غير المثقف على هيكل الحكومة .
التغييرات السياسية والانقلابات المستمرة كلها كانت تصب باتجاه واحد إلا وهو فكر فردي يمجد فكر الفئة الحاكمة فقط . لم يشهد العراق حكومة تتحاور وتقبل المثقف فقط لأنه يملك ملكة ثقافية رغم أن عهد الديكتاتور في تاريخ العراق يعتبر قصاب الثقافة العراقية الأصيلة مهتما فقط بالثقافة القومية الصدامية .
المناهج الدراسية المغلوطة الباقية كما هي قبل مئات السنين لم تقبل أن تغير ثوبها رغم أن هذا الثوب قذر لا يتماشى مع متطلبات العصر. هذا الثوب دون غسيل أو تغيير أو تجديد .تمزق الثوب ونحن نتفرج عليه . هذا الثوب يحتاج التجديد وليس الترقيع .
د . محمد جاسم فلحي / أستاذ الإعلام بجامعة عمر المختار الليبية .
- الحرية، ثم الحرية، ثم الحرية، تلك هي غاية المثقف ومطلبه الأساسي من السلطة، وهي محور الصراع بين الطرفين منذ فجر عصر الحضارة والكتابة والإبداع، ثم هناك مطالب أخرى تتفرع منها، لعل من أهمها الحصول على التقدير المادي والمعنوي، من المجتمع بصورة عامة، ومن السلطة الحاكمة بصورة خاصة..وان يكون صوت المفكر والمثقف حاضرا وفاعلا في صياغة القرار السياسي، من خلال مساحة الحرية المتاحة للتعبير والتفكير والنشر.
نارين عمر / شاعرة وكاتبة كوردية .
يريدُ المثقفُ من السّلطة أوّلاً وقبلَ كلّ شيءٍ ألا تحتكرَ فكره وضميره,بل تمنحه متسعاً من الحرّيةِ لينقلَ من خلالها مجرياتِ الواقع والأحداثِ كما كانت أو كما هي أو كما يجب أن تكون من دون أن يشعرَ براصدٍ أو رقيب, وأن تفصلَ السّلطة بين ما هو سياسيّ وأمني وبين ما هو ثقافيّ وأدبيّ ومعرفيّ لأنّ الإبداعِ الحقيقيّ في رأيي وفي أيّ مجالٍ /علميّ , أدبيّ, اقتصاديّ, مجتمعيّ, ثقافيّ.....الخ / لا يكتملُ ولا ينتجُ الإنتاجَ الوفيرَ إلا إذا كان فكرُ المبدع وضميره حرّاً وآمناً ومطمئناً, لأنّ الكتابة في مجملها تعتمدُ على أهواءِ الكاتبِ ورغباتِ فكره وضميره وكلّما خُيّرَ في ذلك كلّما أنتجَ ثماراً صالحة ونافعة, لهذا نجدُ من الكتّابِ مَنْ يتخصّصُ في الأدبِ ومَن يتخصّصُ في العلم أو الفلسفةِ أو الاقتصادِ أو السّياسة.
فاطمة بوهراكة / شاعرة مغربية
هناك علاقة أخد ورد بين المثقف من جهة والسلطة المعنوية للدولة من جهة أخرى فهما يشكلان قوة كبرى لتسيير المجتمع , أولها ظاهرة وهي السلطة في قالبها المعروف , والثانية غفية يمثلها المثقف بصفة عامة والمبدع بشكل خاص , فهناك أمور يريدها أهل السلطة من المثقف وهي كثيرة , وهناك أشياء يرغبها المثقف من السلطة تتمحور بالأساس في ضمان حريته الفكرية والتعبيرية خدمة للمجتمع , مع التواجد الفعلي على أرض الواقع لهذه السلطة لكن في شكل أخوي وليس سلطوي خانق للثقافة والفكر . متمثلا في الدعم المادي والمعنوي لنجاح مهمته هذا المثقف في الوجود .
لوركا بيراني / شاعر وكاتب كوردي
المثقف هو نتاج للحالة الجمعية التي ينشأ فيها ويترعرع, وبذلك يشكل الممثل لمجمل الهم الإنساني الذي يعانيه مع غيره ممن يعيش معهم وبالطبع نقصد هنا ( المثقف الحقيقي ) وبذلك فإن ما يريده من السلطة ليس إلا قائمة ما يطالب به هذا الجمع من هذه السلطة ( السلطة بمعناها الإداري والخدمي ) لا بمعناها التسلطي فهنا سيختلف الأمر , لأن المثقف هنا سيمثل حقيقة وجوهر المطالب الساذجة للشعب فيتعمق في جوهر المسألة ليطالب بإلغاء السلطة كحالة قهر وقمع أو محاولة العمل معها أو ضدها لأجل تغييرها للأفضل .
أم الخيرالباروني / شاعرة ليبية
المثقف الواعي يدرك جيدا، مهاوي ومهالك السلطة وثأثيرها السيئ على مساره وإبداعه، فالمثقف يسعى دوما للتحرر من كل القيود، ومن المفترض أنه لا يتوقع أن يلقم الحرية من الآخر في طبق وبملعقة من ذهب كائناً من كان طالما توجد الذبقية والفوقية بينهما، معاناة المثقف هي الفيصل بين أن يكون قلمه واعي وحقيقي أو يكون مزيفاً وفق أهواء ورغبات السلطات العليا.
د. أم العزالفارسي / كاتبة ليبية
أن ترفع سوطها عن رقبته، وقيدها عن معصمه.