إتحـاد كتـاب الإنتـرنت المغاربـة |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
دعوة للاحتفاء بالثقافة المغربية |
|
|
دعوة للاحتفاء بالثقافة المغربية
صلاح بوسريف
لا يمكن لِأَيٍّ كان أن يُنْكِرَ أهمية الاحتفاء بالكُتَّاب المغاربة المقيمين بالخارج، فهؤلاء هم جزء من ثقافتنا، وهم، فيما يكتبونه، بأي لغة كانت، يعبرون عن نفس المواقف التي يعبِّر عنها زملاؤهم المقيمين بأرض الوطن، الذين هم، أيضاً، لم تعد العربية هي اللغة التي يكتبون بها، فثمة لغات أخرى أصبحت حاضرةً، ولها قُرَّاؤها، في المشهد الثقافي المغربي، ما جعل مفهوم الثقافة المغربية يتَّسِع أكثر، ليشمل غير العربية، التي كانت إلى وقت قريب هي نافذة الثقافة والمعرفة عند هؤلاء. فحين أقدمت وزارة الثقافة، صحبة مؤسسة الهجرة، على استضافة الكُتَّاب المغاربة المقيمين بالخارج في المعرض الدولي للكتاب، رغم كل ما شاب المعرض من أعطاب، فهي عملت على وضع الثقافة المغربية في سياق مفهومها الأوسع، وأثارت، بالتالي، انتباه المغاربة لما يُكْتَبُ خارج المغرب، ليس باعتباره أدباً أو كتابةَ لا صلةَ لها بأصولها، أو بما يشغل الثقافة الوطنية من أسئلة وقضايا، بل باعتبار الأدب المغربي، واحداً، أينما كان، وبأي لغة كانت. إذا كانت هذه خطوة إلى الأمام، فهي لن تكتمل، أو تكون ذات معنى، إذا لم تعمل الوزارة، خلال المعرض الدولي القادم، على النظر في الوجه الآخر للعملة، أعني إلى الأدب، أو الثقافة المغربية المقيمة في الوطن. لم يسبق، في أي معرض من المعارض السابقة، أن كانت الثقافة المغربية المقيمة في الوطن ضَيْفَ شَرَفٍ، أو تَمَّ الاحتفاء بها، أو اعتبارها موضوعاً للقراءة والتأمُّل والمُساءلة. ما ينسحب على هذه الثقافة، ينسحبُ على دور النشر المغربية، وما كان لها من دور في طبع ونشر الكتاب المغربي. حين قرأتُ تصريح وزير الثقافة، أن الوزارة سَتُسَمِّي إحدى قاعاتها باسم محمد عابد الجابري، في المعرض القادم، تساءلتُ مع نفسي، متى فكرت وزارة الثقافة، في نُسَخِها المختلفة في استضافة الجابري للمعرض الدولي للكتاب، أو في عقد ندوة حول مشروعه النقدي، وهو على قيد الحياة. كما تساءلتُ، أيضاً، هل ستكتفي الوزارة بتسمية قاعة باسم الجابري، أم أنها ستفكر في عقد ندوة عربية أو دولية حول مشروعه، ما دام الراحل اختفى، ولم يعد حضوره حجاباً، كما كان من قبل، كون المعاصرة حجاب، كما يقول البغدادي لم يعد مقبولاً تأجيل الثقافة المغربية، أو بَعْثَرَتها في شكل لقاءاتٍ لا صَدى لها. يقتضي الوضع الراهن أن تكون الثقافة المغربية الحديثة، بمختلف لغاتها وتعبيراتها، وبمختلف الأجيال المساهمة فيها، ضيفة شَرَفٍ، ولا ضير أن نحتفي بأهل البيت، ما دام المعرض فرصةً لوضع المغاربة، وغير المغاربة، في مواجهة ثقافة، طالما عمل الإعلام على تهميشها، أو تغييبها، كما عمل التعليم على وضعها في درجة دنيا، قياساً بما تحتله كتابات المشارقة من مساحات في المقررات المدرسية، وهو ما لا تحظى به الكتابات المغربية في المدارس المشرقية. أعتقد أن الاحتفاء بالثقافة المغربية سيكون حدثاً استثنائياً، لأنه سيتيح للوزارة أن تضع برنامجاً واسعاً، لن ينحصر في الشعر والرواية، بل سيكون برنامجاً يشمل الفكر والمسرح والتشكيل، كما يمكنه أن يكون فرصة للاحتفاء بمفكرين وكُتَّاب أحياء، ممن كان لهم دور بارز في وضع الفكر والأدب المغربيين في سياق الثقافة العربية، وبما أتاحه هؤلاء للثقافة المغربية من فُرَصٍ في الحضور، وفي طرح الأسئلة، و إعادة تشكيل وبناء المفاهيم، في مختلف التعبيرات وحقول المعرفة. لا أريد أن يُفْهَم من كلامي هذا أنْ يَنْغَلِقَ المغاربة على أنفسهم، فالمعرض كان دائماً فرصةً لِلِّقَاء بالآخر، عربياً كان أو غير عربي، ما يعني أنَّ هذا الاحتفاء سيكون فرصةً لمعرفة رأي الآخرين في ثقافتنا، وفي مختلف إنتاجاتنا الفكرية والفنية. كثيراً ما يذهب المغاربة إلى المشرق، بشكل خاص، لتقديم تجارب الآخرين والحديث عنها، وهذا ما يحدث في المعارض العربية للكِتَاب، فَلِمَ لا نعكس الآية، هذه المرة، ونستمع لصوت الآخر فيما نكتبه، أو نقوله. لا يكفي أن نتحدث إلى بعضنا، وهذا نادراً ما يحدثُ، وغالباً ما يكون نوعاً من المُحاباة التي لا صلة لها بالمعرفة، أو بما يمكن أن تحمله النصوص والكتابات من قيمة فكرية أو إبداعية. ما كُتِب عن الجابري، بعد رحيله، وما كُتِبَ عن الخطيبي، قبله، ليس من قِبَل المغاربة، بل من قبل المشارقة، والغربيين أيضاً، وما يُكتب عن الأحياء من الكُتَّاب، في غير المغرب، طبعاً، هو تعبير عن القيمة الكبيرة التي أصبح الأدب والفكر المغربيين، يحظيان به، وما أصبحت الثقافة المغربية تثيره من اهتمام، هو غير ما تتعرض له من تجاهُل ونسيان من قِبَل المغاربة، أعني من ِقبَل الجمعيات والمؤسسات الثقافية، ووسائل الإعلام المختلفة، ناهيك عن المؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها. من غير المعقول أن نبقى صامتين، لا نتكلم عن أنفسنا، أو نعطي الكلمة لغيرنا ليتكلم عنا، أو يقرأنا، فنحن اليوم أحوج إلى النظر إلى أنفسنا في مرآتنا، أو في مرآة غيرنا، فما تحقق من تراكمات، في مختلف مجالات المعرفة، يكفي، اليوم، لنقوم بمراجعة الحصيلة، ولمعرف رؤية الآخر لنا، فنحن حتى حين نصل إلى المشرق العربي، فنحن نصل بشكل مُجْتَزَءٍ، أعمالنا لا تصل كاملة، كون المجلات المغربية، بما فيها مَجَلَّتَيْ وزارة الثقافة واتحاد كتاب المغرب، وما يظهر ويختفي من مجلات، لأفرادٍ أو جهاتٍ ما، تبقى رهينةَ الحدود المغربية، وهو ما ينطبق على الكِتاب المغربي الذي عملت المعارض الدولية، وبما أقدمت عليه بعض دور النشر المشرقية، على وضعه في يد القارئ العربي. يعرف من يشارك في المعارض الدولية للكتاب، مدى إقبال المشارقة على اقتناء الكتب المغربية، وبحثهم عنها، أو عن عناوين، وأسماء محددة، بنوع من الشَّغَف الذي يجعل سؤال القيمة الذي يطرحه المغاربة عن أنفسهم، يحتاج إلى كثير من التجرُّد، ونبذ الأحقاد الشخصية، حتى تكون الرؤية واضحة، يحكمها العقل والوعي النقدي الذي لا تحظى فيه الذات إلا بما يمكن أن يكون نوعاً من ملح الطعام. لذا أدعو، باعتباري واحداً ممن يعنيهم شأن الثقافة في المغرب، إلى ضرورة وضع الأدب والثقافة المغربيين في يد المغاربة، وفي غيرهم من زوار المعرض، وضيوفه، من خلال:1ستضافة الثقافة المغربية المقيمة في الوطن، بمختلف تعبيراتها ولغاتها، ومن خلال أجيالها المختلفة، كضيف شرف للمعرض القادم. 2. عقد لقاءات وندوات، لقراءة تجارب ومشروعات، كُتَّاب ومفكرين، أحياء وأموات، من مثل مشروع الراحلين عبد الكبير الخطيبي و محمد عابد الجابري [بعيداً عن تحزيبه]، وعبدالله العروي، وعلي أومليل، ومحمد سبيلا و سعيد بنسعيد، وعبد الفتاح كليطو ومحمد مفتاح .. وغيرهم من الأحياء. 3. عقد ندوة حول الفكر الفلسفي في المغرب، وطبيعة الأسئلة و المفاهيم التي راكمها العاملون في هذا الحقل. 4. ندوات حول المسرح والشعر والرواية والقصة، والعمل على إصدار أنطولوجيات تهم مختلف هذه المجالات، يتم من خلالها تحيين العمل الأنطولوجي، قياساً بأنطولوجيات سابقة، لم تعد تُمَثِّل ما يجري في المشهد الإبداعي في المغرب، نظراً لتراكُم الإصدارات، وظهور شعراء وروائيين ومسرحين جدداً، من الأجيال الشابة. 5. وضع أروقة الناشرين المغاربة في فضاء موسع ومُوَحَّد، وعقد ندوة حول وضعية النشر والتوزيع في المغرب، والبحث في صيغ دعم هذا القطاع وتأهيله، والعمل على الرفع من وتيرة الإصدارات المغربية، بمختلف أجناسها. 6. وضع المنشورات المغربية، في واجهة الأروقة، وعقد لقاءات مباشرة مع الكتاب المغاربة، من خلال الناشرين، وتوقيع أعمالهم الصادرة بالمناسبة. 7. وضع دليل للإصدارات المغربية، ودليل للكُتَّاب المغاربة، تعمل الوزارة على إنجازه وإصداره بتعاون مع الناشرين المغاربة. 8. إعادة نشر بعض الأعمال المغربية الحديثة التي لم تَعُد متاحة في يد الباحثين والقراء، وباعتبارها تراثاً ثقافيا. 9. دعم الإصدارت المغربية، وبشكل خاص الأعمال الإبداعية التي يتبرم الناشرون من نشرها، مثل الشعر والقصة والنصوص المسرحية. 10. عقد ندوة حول دور الجمعيات الثقافية المغربية في التعريف بالأدب والثقافة المغربيين. 11. عقد ندوة حول دور الجرائد والصحف، ودورها في خدمة القضايا الفكرية و الثقافية، من خلال الصفحات و الملاحق الثقافية. 12. تنظيم معرض تشكيلي موسع، يمثل مختلف المدارس والاتجاهات التشكيلية، ويكون تعبيراً عن راهن الوضع التشكيلي في المغرب. 13. عقد ندوة حول التشكيل المغربي، موازية للمعرض. ليس في هذا أي تعجيز، أو صعوبة في الإنجاز. فالمسألة كاملة تحتاج إلى إرادة حقيقية. ثمة جهات كثيرة، غير الوزارة يمكنها أن تكون طرفاً، أو شريكاً في مثل المشروع، تبقى فقط رغبة الوزارة الوصية في إطلاق الفكرة، ووضعها ضمن أولويات برنامجها. فالأدب و الثقافة المغربيين، لا يجدان، اليوم، طريقهما للقاريء بالطريقة التي تعكس قيمتهما وأهميتهما، و ما عملا على تحقيقه من تراكماتٍ نوعية، على مدى خمسة عقود، إذا اقتصرنا على ما هو معاصر، دون الحديث. إذا كانت الدولة المغربية لا تضع ضمن أولوياتها الاهتمام بالثقافة، وبالتفكير في مجتمع المعرفة، فكيف يمكن أن ننتظر من الإعلام المغربي أن يهتم بالثقافة المغربية، مثلما يهتم، بشكل مفرط، بالترفيه والفُرجة، إن لم أقل الابتذال، وهو ما يمكن أن نقوله عن بعض الصحف، التي تعلن صراحةً، ازدراءها واحتقارها للثقافة والمثقفين المغاربة. فإذا لم تعمل وزارة الثقافة على دعم، الثقافة المغربية، وعلى البحث عن صيغٍ لدعمها ونشرها وتعميمها، أو تقريبها من القاريء، من خلال التنسيق مع وزارة التعليم، ووزارة الإعلام، ووزارة الشبيبة و الرياضة كمؤسسات رسمية، وغيرها من القطاعات ذات الصلة بالموضوع، فمن إذن يمكنه أن يهتم بموضوع الثقافة، ويجعل من أدبنا وثقافتنا، يحظيان بما يستحقانه من اهتمام، خصوصاً حين تكون معضلة القيم في مجتمعنا، وروح ومعنى المواطنة، عند أغلب مواطنينا، سببها الحاجة للمعرفة، أعني لهذا الهواء أو الماء، الذي لا يمكن لشيء أن يكون حيّاً بدونه..
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|