http://kouttab-al-internet-almaghariba.page.tl/
  الوصايا السبع للنهوض الثقافي
 
الوصايا السبع للنهوض الثقافي
كتبها : مجموعة إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة في الأحد، 26 ديسمبر، 2010 | 0 التعليقات
عبد اللطيف اللعبي
يحاكم الشأن الثقافي المغربي
ويدعو الى اعتبار الثقافة أولوية
الوصايا السبع للنهوض الثقافي

محمد نجيم

 

دعا الشاعر والكاتب والمترجم الغربي المعروف عبد اللطيف اللعبي الى قلب للمعادلة يسمح باعتبار الثقافة كأولوية، كقضية تستحق أن تحتل مركز الصدارة في النقاش الوطني العام.وقال اللعبي الفائز بجائزة “الغونكور” وجوائز عربية وعالمية أخرى في بيان أصدره مؤخرا تحت عنوان “من أجل ميثاق وطني للثقافة”: “في مجال الثقافة بالتحديد، فالملاحظ هو أن الوضع بدأ يتحرك. فرغم الغياب شبه التام لأجهزة الدولة والهيئات المنتخبة المحلية عن هذه الورشة، فالمبادرات النابعة من المجتمع المدني والمبدعين أولا بأول، بدأت تزعزع الخمول المهيمن.الإنتاج الأدبي يعرف تجددا في الأشكال ومزيداً من التنوع في اللغات المعتمدة وبروزا ملحوظاً للأصوات النسائية، كل ذلك في الوقت الذي يشهد تقلصاً في عدد قرائه المباشرين. المجلات المطبوعة على الورق أو المنشورة عبر الانترنت التي ظهرت مؤخراً، تقوم بعمل جليل للتعريف بإبداعنا المعاصر وإعادة الاعتبار له. الجمعيات الثقافية والرابطات الأدبية قطعت أشواطاً في رفع الحجر الحزبي الذي كان يمارس عليها في الماضي. في الجامعات، ورغم فقر الوسائل المدقع، نلمس انتعاش البحث وخلق بعض الشعب قصد التأهيل المهني في مجال الثقافة. الفنون التشكيلية تحظى بتزايد مشهود لقاعات العرض، ولن تستطيع موجة المضاربة التي طالتها مؤخراً، رغم عواقبها السلبية، أن تحجب الحيوية الكبيرة التي تطبع الحركة التشكيلية عندنا. في مجال الموسيقى، استطاع عدد من الشبان، اعتماداً على أنفسهم قبل كل شيء، أن يبتدعوا أشكالا موسيقية جديدة ويكسبوا في ظرف وجيز جمهوراً غفيراً”.أما عن السينما فيرى اللعبي أنها تعطي مثالاً خاصاً، له دلالة قوية. فانطلاقتها الواضحة للعيان لم تكن لتتحقق لولا الدعم السخي للدولة كما هو معروف. وتجاوزاً للنوايا الكامنة وراء هذا الاستثناء، ما يشد الانتباه في هذه الحالة هي الموهبة الكامنة لدى فنانينا والإبداعية الحقيقية التي يمكن أن يظهروها عندما توفر لهم الشروط الضرورية للقيام بعملهم فيفعلون هذا على أتم وجه وتشريف وظيفتهم. في نفس السياق، سيكون من المجحف عدم الإشارة إلى إنجاز نموذجي، لكنه يتيم، المتمثل في إحداث المكتبة الوطنية الجديدة في الرباط. إنها لجوهرة في تصورها وتقنيات وسائلها العالية والروح المدنية التي تشتغل بها.وبرأي اللعبي، فالمغرب اليوم من جديد في مفترق الطرق. فبعد الانفراج الذي عشناه في بدايات العقد المنصرم، حل زمن التساؤلات، بل الشك. والسبب في ذلك الضبابية التي أصبحت تعتري المشروع الديمقراطي ومفهوم الديمقراطية على السواء. فالديمقراطية- برأي اللعبي - لا تنحصر في إرساء نوع محدد للحكم السياسي والعلاقات المجتمعية وإنتاج وإعادة توزيع الخيرات المادية. إنها في الوقت نفسه اختيار حضاري يكمن في المراهنة على العنصر البشري. لذا، فإن التربية والتعليم والبحث العلمي والثقافة تحتل المركز في ذلك الاختيار وتقوم مقام المحرك الذي بدونه لن يتحقق أي نماء مشهود ومستدام.إن ورشة الثقافة (بالمعنى الواسع للكلمة) في حاجة إلى عملية تشييد استثنائية تتوقف على الإرادة السياسية للحاكمين وتعبئة الروح المدنية لدى المواطنين. وقصد التركيز على الحاجيات الملحة والإجراءات ذات الدلالة الرمزية البينة، اقترح ما يلي:
أولاً: وضع تصميم وطني استعجالي بهدف الاستئصال النهائي لآفة الأمية والالتزام بتحقيق الهدف في أجل لا يتعدى الخمس سنوات. ومن شأن هذا التصميم أن يوفر أيضاً حلا مناسباً لمأساة آلاف العاطلين الحاصلين على شهادات، وذلك بمنحهم عملا مأجوراً مسخراً لخدمة قضية نبيلة، وفي نفس الوقت فرصة للتأهيل المهني في عدد من التخصصات تسمح بإدماجهم لاحقاً في سوق الشغل.
ثانياً: تكوين لجنة علمية عليا متعددة الخبرات تعمد إليها من جهة مهمة تقصي الأوضاع والحاجيات في ميادين التعليم والثقافة والبحث العلمي، ومن جهة أخرى مهمة الدرس قصد الاستئناس بالتجارب والنماذج المعمول بها في باقي دول العالم والتي برهنت عن جدارتها. بناء على ذلك، يمكن لهذه اللجنة أن تتوطد كهيأة إدلاء بالمقترحات يعتمد رأيها في تدبير السياسة الثقافية الحكومية.
ثالثاً: إطلاق تصميم يهدف إلى تغطية الحاجيات الثقافية الأساسية للبلاد (في المدن الكبيرة والصغيرة وفي العالم القروي) وذلك بإنشاء البنيات التحتية التي نفتقر إليها: خزانات عمومية، دور للثقافة، قاعات سينما، مسارح، معاهد موسيقية ، معاهد لتكوين المشرفين على كل هذه المنشآت. وإذا كان الجزء الأوفر من هذا التصميم يقع على عاتق الدولة، فإنه يستوجب الشراكة مع الفاعلين من المجتمع المدني، الحاضرين في الميدان والعارفين به، كما أنه يتطلب تشجيع المبادرات الآتية من القطاع الخاص والمحسنين وذلك بإجراءات ضريبية وغيرها. وفي الأخير، يجب على المجالس المحلية المنتخبة أن تتحمل قسطها في إنشاء تلك البنيات وأن تجبر على إدراج هذا الالتزام في دفتر تحملاتها.
رابعاً: إنشاء مركز وطني للفنون والآداب يسعى إلى نسج العلاقات مع المبدعين، والإنصات إليهم، وتسهيل فرص اللقاء بجمهورهم المحتمل، والعمل على الترويج الناجع لأعمالهم. وسيكون من ضمن صلاحياته: تقديم مِنَحٍ تسمح بالتفرغ لمشروع إبداعي أو للترجمة لمدة معينة قد تصل إلى السنة. وتوفير فرص للإقامة الموسمية في بيوت أو مراسم مجهزة، وذلك داخل البلاد أو خارجها. وتكوين هيئة تعنى بشأن الكتاب وتشتغل على درس المشاريع وتقديم المساعدات في مجال النشر، ومراقبة سوق الكتاب (خصوصاً فيما يتعلق بالأسعار) والحث على الشراكة الضرورية لوضع حد للفوضى وسوء التدبير اللذين يعاني منهما قطاع التوزيع. وتنظيم لقاءات في كل الوحدات المدرسية ( العمومية والخاصة)، في المدارس العليا، مراكز التكوين، المستشفيات، السجون، الوحدات الإنتاجية الخ. مع الكتاب والفنانين والباحثين والشاهدين الكبار على تاريخنا المعاصر، تسمح لشرائح مختلفة من الجمهور باكتساب معارف جديدة، واكتشاف سبل الفكر والإبداع المختلفة، والتعرف بكل بساطة على ثقافتها.
خامساً: إنشاء وكالة لإشعاع الثقافة المغربية في الخارج تتوجه إلى الجمهور العالمي والجاليات المغربية، وتعمل على خلق الشروط الملائمة لترويج إنتاجاتنا الفكرية والفنية وضمان تمثيلية حقة لها في التظاهرات الكبرى. كما أنها، وبتفاعل مع الدوائر الحكومية المعنية بالأمر، يمكن أن تقوم بدور خلاق في إرساء سياسة للتعاون الثقافي مبني على مبادئ الإنصاف والمعاملة بالمثل.
سادساً: الإقدام على عملية إنقاذ الذاكرة الثقافية المغربية، تضم شقين: شق الذاكرة المعاصرة المهددة اليوم بالتلف على إثر رحيل عدد متزايد من كتابنا وفنانينا ومفكرينا الكبار الذين يرجع لهم الفضل في تحديث الفكر والإبداع عندنا، ونقل رسالة مخيلتنا وقيمنا الإنسانية خارج حدودنا. إن التراث الذي خلفوه لنا وآثار أنشطتهم (مخطوطات، مراسلات، أرشيفات مختلفة) تحتاج، قبل فوات الأوان، إلى عملية رصد وتجميع وترميم وصيانة توكل إلى معهد متخصص يسهر في نفس الوقت على جعلها في متناول الباحثين والمهتمين ويسعى بشتى الوسائل إلى تعميم فائدتها وتأمين استمرارية رسالتها. وبنفس الأهداف، يمكن لهذا المعهد أن يتعامل مع المثقفين والمبدعين الأحياء الذين يرغبون في تسليمه ما يختارون من مخطوطات وأرشيفات خاصة بهم.
شق ذاكرة الماضي، تلك الورشة الشاسعة التي تهم عدة ميادين: الأرشيفات الوطنية (المكتوبة ،الصوتية، المصورة)، الآثار التاريخية، التراث المعماري الحضري، الحفريات الأركيولوجية، المتاحف، التراث الشفوي إلخ. ودون الحديث عن المهمة الحيوية الملقاة على عاتق مؤرخينا، شريطة أن توفر لهم الإمكانيات للاضطلاع بها على أتم وجه، فإن تكوين المتخصصين في العديد من الشعب التقنية والعلمية يصبح ضرورياً إذا أردنا أن ننجز مهمة إنقاذ وإعادة إحياء ذاكرتنا الثقافية ثم نقلها بأمانة إلى الأجيال القادمة.
ولا حاجة هنا للتأكيد على أن التقدم في إنجاز المشاريع الست السابقة الذكر قد يكشف لنا أن مجال الثقافة، الذي يعتبر عن خطئ في التقدير مكلفا وذي مرودية ضعيفة، هو على عكس ذلك تماماً، بالنظر إلى المهن والخبرات العديدة التي يتطلبها، منجم خصب لمناصب الشغل، ربما أكثر خصباً من مجالات أخرى المعترف عادة بمردوديتها.
سابعاً: انطلاقة جديدة حازمة لعملية إصلاح التعليم. فمن المؤكد أن التصاميم والإجراءات المعروضة سلفاً رهينة بقاطرة لتحريكها وبسكة لتوجيهها نحو الغاية المنشودة. لذا فإن الإقدام على إعادة صهر وهيكلة المنظومة التربوية يشكل حجرة الزاوية في هذا الميثاق الوطني من أجل الثقافة. لقد حان الوقت لوضع حد للتأرجح المزمن وللتقلبات العاصفة التي عانينا منها منذ الاستقلال. ومن ضمن ما يجب الانكباب عليه، إيجاد حل لمسألة شائكة، هي لغة التعليم. حل يكون في نفس الوقت براغماتياً، وناجعاً على المستوى البيداغوجي، وآخذا بعين الاعتبار مختلف مكونات هويتنا الوطنية واختيارنا الواضح للحداثة. لقد حان الوقت للإعلاء من شأن هذه المصلحة العمومية الأولى كي تصبح جذابة ومنتجة، ولتسمح للمنتفعين منها باكتشاف ثقافتهم الحية، ولهذه الأخيرة بضمان شروط إشعاعها.
وينهي عبد اللطيف اللعبي بيانه قائلاً: “إن مصداقية الاختيار الديمقراطي، إذا كان فعلا هو هذا اختيارنا، يتوقف على الكيفية التي سنهيئ بها أطفالنا وشبابنا ليصبحوا مواطنين بالكامل، ذوي شخصية راسخة، عارفين بواقع بلادهم وبواقع العالم، متشبعين بقيم العدل والمساواة والتسامح، واعين بالتحديات الجديدة التي تواجهها الإنسانية جمعاء لصون البيئة وضمان استمرارية النوع البشري. وبالمقابل، ستكسب بلادنا صناع نهضتها الفكرية، وازدهارها المادي والأخلاقي، واستعادة كرامتها التامة بين الأمم.
اقرأ المزيد : الوصايا السبع للنهوض الثقافي - جريدة الاتحاد http://www.alittihad.ae/details.php?id=89233&y=2010#ixzz19IEPtSyu
 
 
 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free