http://kouttab-al-internet-almaghariba.page.tl/
  اسرانا واسيرهم
 

اسرانا واسيرهم
احمد محمود القاسم

حضرت في الرابع والعشرين من الشهر الجاري تشرين الأول 2010م مؤتمرا فلسطينيا في مدينة رام الله المحتلة، لبحث شؤون الأسرى الفلسطينيين، خاصة المرضى والمعوقين منهم، دعى اليه مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية الفلسطيني، للبحث في هموم الأسرى الفلسطينيون، وقد قدم عدد من المتحدثين بالمؤتمر، ومنهم وزير وزارة الأسرى الفلسطينية، صورة دقيقة عن معاناة اسرانا الفلسطينيون في سجون الاحتلال، وحقيقة، ما سمعناه يندى له الجبين، فهو شيء مؤلم ومحزن ومؤسف حقا، وتقشعر له الأبدان، ويصعب جدا تحمله والسكوت عليه، ولا اعتقد، ان هناك انسان في العالم الحر والمتمدن، يقبل بان يحدث هذا لأي انسان اسيرأو مناضل معتقل، في شتى انحاء العالم، مهما كانت طبيعته او سبب اعتقاله، وحتى لو كان مجرما حقيقيا، وليس مناضلا من اجل الحرية، وضد الاحتلال البغيض، فالطبيعة الانسانية للبشر لها حقوق، يجب احترامها والحفاظ عليها، تحمي انسانيتها من الاهانة او التعذيب او القتل او الحرمان وخلافه.
الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، لا تحكمه لا مواثيق ولا قوانين دولية للسكان تحت الاحتلال، فالقانون المطبق بحق المعتقلين المناضلون الفلسطينيون، هو قانون صهيوني ارهابي نازي، بكل ما في الكلمة من معنى الارهاب والاجرام، ويتنافى مع ادنى الحقوق الانسانية المتعارف عليها دوليا، للشعوب التي تحت الاحتلال.
يكفي ان نقول للتوضيح على ذلك، انه يمكن لسلطات الاحتلال الصهيونية، اعتقال أي فلسطيني اداريا لمدة غير محدودة زمنيا، قد تصل عدة سنوات، دون توجيه اي تهمة اليه ودون محاكمة، ويوضع في ظروف قاسية وغير انسانية من الاعتقال في زنازين، دون ماء او غذاء او دواء ، حتى انه قد لا يرى النور ولا الشمس، ولا يتنفس الهواء، الا القليل والقليل جدا منها، التي قد تكفي رمق حياته، اضافة الى صنوف التعذيب التي يتلقاها كوجبات يومية مفروضة عليه، فاذا ما كان محكوما، وينهي مدة الحكم الذي امضاه داخل المعتقل، فانه يخرج، ويكون فاقدا لكل شيء، فصحته متدهورة ومدمرة، ولا يقوى على الحركة، او التنقل بسهولة، ولا يستوعب ما يدور حوله، ولا يتذكر من يحيطون به، حتى انه قد يفقد قدرته في تعرفه على اسرته واقربائه، من صنوف التعذيب التي ألمت به وكان يتلقاها من قبل السجانين الصهاينة.
المعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال، يتجاوز عددهم اكثر من ثمانية آلاف معتقل، ومحكومون احكاما قاسية وجائرة، بدون وجه حق، وبدون اي محاكمات عادلة، والاحكام ضدهم لا تتناسب مطلقا مع التهم الموجهة اليهم، ولا يمكن ان تكون مشابهة لأي احكام في كافة دول العالم مقابل ما ارتكبوه من اعمال مشابهه، فيكفي ان تحمل حجرا كي يوجه اليك القاضي الصهيوني، حكما قد يصل الى عشرة سنوات، بتهمة تهديد الأمن الاسرائيلي، واذا ما حاولت الدفاع عن نفسك ضد اعتقالك من قبل جنود الاحتلال، توجه لك الاحكام بالاعتداء ومقاومة قوى الأمن، وقد تحكم تعسفا بحكم يتراوح بين عشرين وخمس وعشرون عاما، واذا ما كان بحوزتك سلاحا ناريا او حاولت رمي زجاجة حارقة على دورية صهيونية، فاقل الاحكام التي ستواجهها الحكم مدى الحياة، او عدة مؤبدات وهكذا.
حقيقة، لم تتمكن القيادة الفلسطينية من الارتقاء بطرح موضوع الاسرى الفلسطينيون على مستوى العالم بشكل فعال ومؤثر، رغم ان كل اسير ومعتقل فلسطيني، يحمل قضية وطنية وانسانية، تهز قلب ومشاعر كل انسان في العالم، لديه حس وطني وانساني، مهما كان اصله وفصله وانتماؤه ودينه، وهذا يعود في مجمله لضعف الاعلام الفلسطيني والعربي وعدم تبنيهم لموضوع الاسرى الفلسطينيون، وعدم اعطاء القيادة الفلسطينية قضية الأسرى الفلسطينيون، اولية قصوى على جدول أعمالهم ومباحثاتها مع الجانب الاسرائيلي او العربي او الدولي، وهذا بحد ذاته يعتبر قصورا وتقصيرا من القيادة الفلسطينية، يجب تنبيهها عليه كثيرا، وتحذيرها من عواقبه الوخيمة على اسرانا.
اسرائيل لديها اسير لدى حركة حماس، يدعى (شاليط) يعيش في فندق بدرجة خمس نجوم، مقارنة مع عيشة اسرانا في سجون الاحتلال الصهيونية، ومع هذا، فان القيادة الاسرائيلية الصهيونية، اقامت الدنيا ولم تقعدها بعد، من اجل الافراج عنه، وسنت قانونا باسمه، اسمته بقانون (شاليط)، لتقول للعالم مدى اهتمامها باسيرها المعتقل، وحركت مئات الواسطات العالمية، من اقصى الشرق الى اقصى الغرب، ودفعت ملايين من الدولارات في سبيل اطلاق سراحه، وما زالت تحاول شتى الطرق الممكنة من اجل ذلك، وكل زعماء العالم تقريبا، في اوروبة والولايات المتحدة الأمريكية، والكثير من زعماء العالم، الذين يدعون الانسانية ويؤمنون بالحرية والديموقراطية، تعاطفوا مع شاليط هذا، وتألموا كثيرا، لمعاناته النفسية وبعده عن احضان والديه، ونسوا او تناسوا جميعهم بان هناك اكثر من ثمانية آلاف فلسطيني معتقل، لدى سلطات الاحتلال الصهيونية، في ظروف بالغة القسوة، وامام شتى صنوف التعذيب اللانسانية التي يتعرضون لها يوميا، ومنهم الكثير من الأطفال، التي تقل اعمارهم عن ستة عشر عاما، وكذلك الكثير منهم من الصبايا والسيدات الفلسطينيات، وعدد كبير من الشباب وكبار السن الذين يعانون من شتى الأمراض المزمنة كالسرطان وامراض الكلى والقلب، ومنهم الكثير من فقد ساقيه ويديه، وهم لا يقدرون على الحركة والتنقل بسبب اعاقاتهم، كما ان المرضى منهم لا يستطيعون الحصول حتى على حبة مسكن(اكمول) لتخفيف آلامهم فقط، مع انهم يحتاجون الى ادوية متخصصة او عمليات جراحية وتحاليل طبية خاصة، لتحديد طبيعة امراضهم، لكن سلطات الاحتلال، تتجاهل كل حالاتهم الصحية هذه، ولا تقدم لهم اي خدمات تذكر مهما كانت ضئيلة، ومع هذا، هي تدعي انها تعالجهم باستمرار، وتقدم لهم الدواء والغذاء، وتدعي انها تعرضهم على الأطباء باستمرار، تخيلوا ان من يعاني من آلام في ضروسه واسنانه، ليس امامه من خيار، الا ان يقبل بخلعها من قبل شخص لا يفقه بطب الاسنان شيئا، ويتم خلعها بدون بنج، فأين هي حقوق الانسان؟؟؟؟؟ واين هي منظمة الصليب الأحمر الدولية، لترى بأم عينيها، وتحاسب هؤلاء القتلة والمجرمون على افعالهم النازية والفاشية غير الانسانية، وتجاوزاتهم لكل التعهدات و المواثيق الدولية والهيئات الحقوقية التي يدعون الالتزام بها، ومحاسبة من ينتهكها ويتجاوزها.
اذا كانت القيادة الفلسطينية معنية بالحفاظ على حياة اسرانا وحقوقهم الانسانية في المعاملة من قبل سلطات الاحتلال، عليها ان ترتقي بالمطالبة بحقوقهم يوميا على كافة المستويات وكافة المحافل الدولية، وان يكون موضوع اسرانا على قمة جدول اعمالها، ومن اولوياتها في جدول لقاءاتها مع القيادات الصهيونية النازية.
 لقد استشهد اخي القائد الفذ عمر القاسم، وهو اول قيادي كبير يعتقل من قبل اليهود الصهاينة، نتيجة معاناته الطويلة من التعذيب، في سجون الاحتلال لمدة تجاوزت العشرون عاما، ونتيجة لعدم معالجته من الأمراض التي المت به، من قبل اليهود الصهاينة، حسب الأصول المتبعة في مثل هذه الحالات، فكانت حادثة استشهاده مؤشر نذير خطير، للقيادة الفلسطينية باستهتار اليهود الصهاينة، بحياة وأرواح اسرانا ومناضلينا في داخل المعتقلات الصهيونية، وكان لزاما عليها ان تهتم منذ استشهاده، بمثل هذا الأمر المحزن والمؤسف والمثير، فحتى يومنا هذا، هناك العشرات من حالات الموت البطيء التي يتعرض له اسرانا البواسل، في غياهب المعتقلات الصهيونية.
اذا كنا فعلا نهتم باسرانا ونحترم نضالاتهم وتضحياتهم الذين اعتقلوا دفاعا عنا، ونود الحفاظ على حياتهم، واكرامهم، مقابل تضحياتهم واعتقالهم امامنا، للذود عن حقوقنا وكرامتنا وحياتنا، علينا ان لا نطالب القيادة الصهيونية بوقف وتجميد الأستيطان فقط، مقابل العودة للمفاوضات المباشرة، بل اضافة الى ذلك، يجب ربط عودتنا للمفاوضات، بالافراج عن اسرانا جميعهم، خاصة المرضى منهم، ومن هم بأمس الحاجة للعلاج، والا فان مصير اسرانا هو الموت البطيء، ومن قد يظفر وتكتب له الحياة والافراج عنه، سيعيش مدة حياته الباقية، مريضا ومعتوها او معوقا، وسيلعن قياداته بقية عمره، اذا لم تقم بالواجب المنوط بها القيام به .
انتهى موضوع اسرانا واسيرهم
 
 
 

 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free