مُنْذُ نَهْرَيْنِ وَ نيفٍ، يأتي الْغُرَباءُ إِلَيَّ
مِنَ الْعَثَراتِ الْبَعيدةِ
مِنْ حَرَجٍ بَائِتٍ وَمَعابرَ مجدولةٍ يأتونَ
وَمِنْ غَسَقٍ نَيِّئٍ
مُدْبِرٍ
لا يُطيقُ التَّحَايا
مِنْ وَلَهٍ مَارِجٍ يأتونَ إليَّ جَحافلَ مَوْتى
يَنْزَلِقُونَ إلى مِعْطَفِي
لاَ يَلْتَفِتُونَ إلى بَدَدٍ عالٍ بِالِجوارِ
أنا الظِّل الْمارد/ الْبارد/ اللافح/ الْمُرْتَدُّ إلى طُهْرِهِ
و أنا الماءُ الأرجوانيُّ المفتونُ بِغَزْوَتِهِ الأولى، و بواكيرِ السَّبَايا
لا أَذْكُرُ مَنْ دَعانِي حينَ تَهَاوى الطِّينُ الأَسْوَدُ
و امْتَزَجَتْ أَعْتَابِي بِأَلْواحِ مَنْ ذابوا في الطِّينِ الأَسْوَدِ
لا أَذْكُرُ خوخَ من كان يَهمي، جِواري، بِلا سَبَبٍ
حِينَما هَتَكَتْ نِسْوَةٌ أَعْطَافالْمَدينَةِ
و اخْتَلَعَتْ مُدُنٌ أَعْطَاف مَدائنَ أُخْرى
و انْهَمَرَ الْخوخُ ثَانِيةً
صَاحَ الغُرَبَاءُ سَلاماً!
لا أَذْكُرُ كيفَ امْتَلأتْ، في يَدَيَّ
سنابلُ عُشَّاقِيَ عنْ آخِرِها
واعْتَلَتْ نَخْلَةٌ قَامَتِي كيْ تُطِلَّ على مَطَرٍ
مُطْبِقٍ بِأَظَافرهِ الدَّكْنَاءِ
عَلَى أَعْطَافِ مَدَائِنَ تَهْتِكُهَا نِسْوَةٌ
لا أَذْكُرُ كَيْفَ تنَاثَرْنَ في الْعَثَرَاتِ الْقَديمَةِ
مثلَ سنابل عُشَّاقِيْ!
أنا الْمَاءُ الأرجوانيُّ الْمَفْتُونُ بِغَزْوَتِهِ الأُولى وَ بَواكِيرِ السَّبَايا
أَذْكُرُ أَنَّ الرِّيحَ وَهَتْ مِنِّي، وَانْحَنَتْ أَسْلابُ الطِّينِ على كَتِفِي
حَجَراً بَعْدَ آخَرَ عادتْ قوافلُ خِلاَّنِي
و أَشَرْتُ إِلَيْهِمْ: هذا مأوايَ
فِي رِقَّتِي عنفوانُ الوقتِ!
خذوا أثراً
و خذوا بَلَلاً
تجدوا رِقَّتِي فِي نوايا الْحَجَرِ!
صاحَ الْغُرَباءُ: قُبَالَةَ بَابِكَ بَابَانِ
حُجَّابٌ كُثُرٌ
وَ طَواحينُ مَصْفُوفَةٌ وَ معَابِرُ شَتَّى
قُبَالَةَ بَابِكَ قَشٌّ وَ أَرْدَانُ سَابِلَةٍ
وَ مَكائِدُ مُضْمَرَةٌ
وَ تَوابِيتُ مَنْقوعَةٌ فِي عَراءٍ هلاميْ
قُبَالَةَ بَابِكَ صَلْصَالٌ أَمْلَسُ
لا يُدْرِكُهُ الْحَرْفُ الغامضُ/الفاضحُ/ الْمُرْتَدُّ إلى طُهْرِهِ
مِنْ أَيْنَ نَمُرُّ إليكَ؟
حَوَالَيْنَا دُخانٌ كَثِيفٌ يَرْشَحُ بِالدَّمِ
أَدْراجٌ صَدِئَتْ
لَغَطٌ مُوغِلٌ في الدُّوَارِ
وَ مَأْواكَ لاَ يُشْبِهُ أَوْجَاعَنَا!
نَذْكُرُ مَنْ دَعاكَ مَساءَ تَهَاوَى الطِّينُ الأَسْوَدُ
نَذْكُرُ مَنْ ذَابَ فِي الطِّينِ الأَسْوَدِ
مُطْبِقاً بِأَصَابعِهِ الْجَرْدَاءِ
عَلى رَغْوَةِ نِسْوَةٍ مَرِحَاتٍ
يُضِفْنَ السُّعَالَ إلى قَهْوَةِ الْعَاشِقِ!
قَهْوَةُ الْعَاشِقِ دَمُهُ فِي الطَّريقِ إِلَى بَابِكَ
لا يَذوبُ وَ لاَ يَحْيَى
يُودِعُ نِصْفَهُ كَفِّيَ
يُودِعُ رِيحَهُ نِصْفَكَ
و قُبَيْلَ انْصِرَافِكَ / قَبْلَ انْصِرافي
يُلَمْلِمُ رِيشَ صَحَابَتِهِ
وَ بَقايا الشَّهيقِ عَلى كَفَّيْنَا !
قَهْوَةُ الْعَاشِقِ سَهْوُهُ
وَدَمُ الْعَاشِقِ قَهْوَةُ الْمَعْشُوقِ
خُذوا أثَراً
وَخُذوا بَلَلاً
مِنْ نَوايَا الْحَمَامِ عَلى بابِ الْمَشْتَى
تَجِدوا دَمُهُ
وَ بَقايا السُّعالِ عَلى بَاِبي!
مِنْ دَمِ الْعَاشِقِ نَصْعَدُ السُّلَّمَ الْخَلْفِيَّ إِلَيْكَ
وَمِنْ دَمِهِ نَغْزِلُ حَيْرَةَ الْمَعْشُوقِ
نَشُدُّ الْبَرَارِي إِلَى بَعْضِهَا
بِخُيُوطٍ حَرِيرِيَّةٍ تَتَفَتَّتُ بَيْنَ يَدَيْكَ سَرِيعاً
وَنُكْمِلُ رَتْقَ مَسَارِبِهَا
بِأَصَابِعَ مَلْفُوفَةٍ فِي دَمِ الْعَاشِقِ
حَجَراً بَعْدَ آخَرَ يَأْتِي خِلاَّنُكَ الْمَشَّاءونَ/ الْمُغْرَقُونَ
مِنَ الْعَثَرَاتِ الْبَعِيدَةِ
مِنْ حَكْيٍ طَارِئٍ وَ بَيَاتٍ قَدِيمٍ
مِنْ رَغْوَةِ نِسْوَةٍ مَرِحَاتٍ
يُضِفْنَ السُّعَالَ إِلَى دَهْشَةِ الْعَاشِقِ
مِنْ أَيْنَ نَمُرُّ إِلَى بَابِكَ
أَيُّهَا الْمَفْتُونُ بِغَزْوَتِهِ الْأُولى وَ بَوَاكِيرِ السَّبَايَا ؟