حوارخاص مع الدكتورمريم آيت أحمد
رئيسة مؤتمر دورالأديان في تعزيز قيم المعرفة
الواقع والمأمول الذي جرى يومي 4-5 ماي 2011
بشراكة مع مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان
|
د.مريم آيت أحمد |
ماهي أهداف المؤتمر؟
يهدف هذا المؤتمر ،
إلى تفعيل قيم الأديان في تعزيز المعرفة، من خلال حوار فاعل وموضوعي بين أهل العلم وأهل الدين، وبين المؤسسات الدينية والمؤسسات العلمية، وذلك من أجل المساهمة في خلق شروط موضوعية وفق معرفة حقيقية لخدمة الإنسان محور الكون . كما يتوخى المؤتمر إشراك نخبة من خبراء ومفكرين مغاربة ومن حول العالم في البحث برؤية علمية أكاديمية عن سبل وآليات تفعيل دور الأديان للمساهمة في تفعيل إرادة المنافسة الحضارية العلمية للأجيال الحاضرة، وتأهيلهم للولوج لمجتمع المعرفة وفق شروط المتغيرات العالمية الراهنة و المستقبلية كما يسعى المؤتمر إلى طرح نقاش الحوار الممكن بين العلم و الدين، من أجل تأصيل معرفي يغطي أبعاد العلاقة الترابطية بين العلوم الإنسانية والعلوم التجريبية .و خلق مساحة جديدة من النقاش العلمي المسؤول، من أجل رسم أولويات العلاقة بين المعرفة الدينية والعلمية
لماذا اختيار التوقيت بالضبط؟
المؤتمر بدا التحضير له من أكثر من 6 أشهر،واختيار مواضيعه جاءت نتيجة الخلاصات التي خرجت بها من مشاركتي في صياغة تقرير التنمية العربي لعام 2010 ولاحظت ان التوجه فقط نحو التنشئة الاجتماعية ،علما بأننا كمجتمعات تحتفظ بهويتها الدينية والثقافية ينبغي أن توجه وترشد التنشئة الدينية التي قد تفرز أنماطا من الصور الخاطئة عن الدين وتوظفه في خدمة ثقافة الموروث الشعبي الفلكلوري باسم الدين كعدم القبول بالآخر والتحيز الضيق للانتماء ،فأهداف المؤتمر تصب في اتجاه تعزيز دور الدين في البناء الحضاري والمعرفي للمجتمع ،ولاتناقش الحوار بين الأديان بقدر ما تعزز دور الأديان في الدفع بعجلة التقدم والمعرفة وتحصيل العلوم ، ولو قلنا الدين فإننا سنسقط في التحيز ونلغي أهل الأديان الأخرى التي تعيش في كنف المجتمعات العربية والاسلامية ،والتي أمرنا الله أن نبرهم ونقسط إليهم ،فأسباب الفرقة والتعصب والتحيز للانتماء الضيق ورفض الآخر،تأتي من الجهل والإنسان عدو ما يجهل ، ولا نقصد بالجهل هنا الأمية الأبجدية وإنما الأمية المركبة لبعض التوجهات ،التي تغيب مستقبل الارتقاء بمصالح مجتمعاتها أمام نزعة التعصب للذات أو الاتجاه ، فالمرحلة تشهد تغيرات في ساحة الوجدان الفكري العربي ،والجيل الناشئ يبحث عن الإصلاح والتجديد، فهل يتم الإصلاح من دون تعزيز قيم المعرفة بالذات والمعرفة بالآخر والمعرفة بمنهج توازن المصالح لتحقيق نهضة مجتمعية نابعة من التغيير الذاتي للفرد .وإذا كانت المنافسات الرياضية تحتاج منا تأهيل لاعبين بأرقى مستويات التدريب فأين المؤسسات والمراكز العلمية التي تأهل الكوادر والأطر في مجتمعاتنا لخوض المنافسات المعرفية والحضارية العالمية؟؟؟
مامستقبل حوا رالأديان في نظركم؟
لاحوار من دون تعارف ولذلك جاءت الآية الكريمة مؤكد على منهج لتعارفوا وبالتالي فغياب المعرفة بالآخر يؤدي إلى أحكام تنميطية مشوهة عن الأديان ككل مازلنا نناقش مسألة التحيز للدين دون الاعتراف بالأديان الأخرى،علما أن القرآن كان خاتما للرسالات ويعرف مدى التحريف الذي حصل واخبرنا به ومع ذلك يطلب منا في أركان الإيمان أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء خيره وشره،المسألة تحتاج إلى معرفة بالكتب السماوية وقد أشرت في كتابي جدلية الحوار قراءة في الخطاب الإسلامي المعاصر بتفصيل عن المعرفة المغيبة لدينا في هذا الجانب الذي أصل القرآن لمنهجه في الحوار مع الآخر نظريا وتطبيقيا .. (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة 69
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءبَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِشَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِفَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آلعمران 64
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِوَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) سورة النحل 125
(فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) يونس : 94.
كيف يمكن أن تساهم مناهج التعليم في تعزيز الحوار بين الأديان؟
بالمعرفة يستطيع رجل الدين أن يوجه المؤمنين إلى طلب العلم كما يوجهه للصلاة والصيام والزكاة فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ،لماذا غيبت هذه الفريضة من التأكيد عليها وغرس قيمها في المجتمعات العربية والإسلامية التي مازالت تعاني من نسب كبيرة في الأمية ،أين القلم وأين تعزيز قيم المطالبة بواجب مسؤولية القلم الذي يتعلم به الإنسان مالم يعلم،أظن انه في ظل غياب مناهج تعليمية نتعرف من خلالها على الذات و الآخر ،سيظل الجهل يحكم فرقتنا وخلافاتنا ويسيطر على أمننا الفكري والنفسي في المجتمع.
ماهو المخطط الذي تقترحونه لدعم المنظمات العاملة في هذا المجال؟
للأسف ليس عندنا أهلية معرفية للحوار بين الأديان والحضارات ،لأن المسألة تقتضي خلق برامج تعليمية ومختبرات ومراكز بحث وأقسام ماستر ودكتوراه ،و مازلنا نتخوف من الحوار مع الآخر بدعوى عدم الاعتراف ،أو الخوف من الولاء ان نحن دخلنا الى موقع الفعل بالعطاء المعرفي وطرح النظريات في هذا المجال عوض التقوقع في دائرة رد الفعل ،ورد الشتائم ،والمظاهرات ، ومن دون وعي منا نترك المجال فارغا ونغيب عن كبريات اللقاءات العالمية الحضارية والدينية بالحضور المشرف والطرح العلمي المؤصل من القرآن والشهادات التاريخية والبرامج المستقبلية الاستشرافية لمستقبل حضارتنا وهويتنا الثقافية والدينية بالشكل الذي يليق بنا كدعاة لسبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة،فبأمر من الله نحن مدعوون لعقد موائد الحوار)قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم .....(أي نحن من نبادر بالدعوة ونحدد مواضيع الحوار لأننا نقف على أرضية صلبة مع الحق فلما الخوف من التحاور؟،ومعنى الغياب عن الساحة العالمية ،هو تغييب مقاصد الحوار بين الأديان الذي حدده القرآن في آخر الآية فإن تولوا فقل اشهدوا بانا مسلمون ،أي تغييب الشهود الحضاري للمجتمعات الإسلامية من دائرة المنافسة العالمية ،التي نشكل جزءا منها ومعنا أكثر من ثلثي العالم من ذوي الأديان والمذاهب والثقافات والألسن المختلفة.
كيف يمكن للدين أن يساهم في تطوير المجتمع؟
بتعزيز دوره الفاعل في الدعوة للعلم والمعرفة، والفناء في حب الله من خلال الفناء في خدمة الإنسان ومحبته ،ونبذ أسباب التقليد والجهل والتنميط والتلسين والعداء والكراهية والتعصب والغلو.وتعزيز مفاهيم السنن الكونية في حق الإختلاف والتعددية التي آرادها الله للبشر، )وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاّ مَن رّحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ (سورة هود 119
كيف يمكن التغلب على التعارض القائم بين الدين وقيم المعرفة المعاصرة؟
ليس هناك تعارض قائم بين الدين وقيم المعرفة لاسيما في المجال الإسلامي ،ولكن المشكلة في العقل العربي والمسلم الذي أوقف وتعطل عن الإنتاج المعرفي وترك الدين بالاعتماد على النص المنزل واعتمد على فهم الدين أو التدين ،قدس اجتهاد المجتهد ورضي بتعطيل عقله والاقتصار على زمن الشروح والمختصرات والحواشي فأحدث القطيعة المفتعلة بين الدين والعلم كان العالم فقيها وطبيبا ومهندسا وكيميائيا وشاعرا وفيلسوفا وقاضيا...واليوم أصبح العالم بعيدا عن الدين والمتدين بعيدا عن العلم زمن الوسائط الجديدة والتقدم التكنولوجي.
ماهي أغلب أسباب التعصب والتطرف؟
الجهل ثم الجهل ثم الجهل ......فتعطيل العقل عن العمل يؤدي إلى استهلاك كل خطاب وتحويل الإنسان من مرتبة التكريم الإنساني بالعقل والتدبر والتفكر والحكمة إلى عقل فرجوي استهلاكي لكل منتوج فكري أو طرح فلسفي أو فتوى من دون مراجعة ،وبالتالي يمكن تشبيه الوضع بالمستهلك لبضاعة من دون مراجعة تاريخ صلاحيتها ،يبقى الفرق أن المنتوج الغذائي لو استهلك من دون مراجعة شروط الصحة الغذائية يهلك صاحبه ،لكن المنتوج الفكري الغير صحي إذا لم ينقح ويعقم بآليات وشروط الممانعة المعرفية، فإنه يدمر المستهلك ومعه المجتمع والإنسانية ككل .
عن رئيسة المؤتمر بالمغرب :الدكتورة مريم آيت احمد أستاذة الأديان المقارنة والفكر الإسلامي بجامعة ابن طفيل القنيطرة
توصيات المؤتمر الدولي دور الأديان في تعزيز قيم المعرفة الواقع والمأمول
4-5 ماي 2011 جامعة ابن طفيل
يؤكد المؤتمر على :
حاجة الإنسانية إلى اعتبار الدين باعتباره دافعا لتحصيل العلم وقوة للتفعيل الحضاري لأطوار الإنسان ونظم الاجتماع
2- الدعوة إلى معرفة الآخر من خلال مناهج تربوية علمية تتصف بالموضوعية وتنأى عن الأحكام المسبقة
3- الدعوة إلى تفعيل ثقافة التعايش المشترك الإيجابي مع الآخر عوضا عن نزعات الإقصاء والمواجهة والصراع
4- الحاجة إلى تصحيح الصورة النمطية المشوهة عن الأديان وتضمين الوسائط الجديدة أولويات العمل المستقبلي في مجال التعارف الديني والثقافي والحضاري
5- الاشتغال من خلال الفعاليات المستقبلية في مجال حوار الأديان على المنظومة القيمية للأديان كمؤسس لخاصياتها الحوارية
6- ضرورة توحيد جهود المسلمين من خلال تفعيل مؤسساتهم في خدمة النهوض الحضاري لمجتمعاتنا
7- دعم مشاريع إستراتيجية تطوير التعليم الديني وإدماج قيم المعرفة في المقررات الدراسية نظرية تكامل مصادر المعرفة وتكامل الوحي والعقل .
8- الاهتمام باللغة العربية لكونها الوسيلة الأولى في التواصل وتعزيز قيم المعرفة
9- الدعوة إلى إنشاء وماستر ومختبرات ووحدات بحثية جامعية تهتم بمقارنة الأديان والدراسات الشرقية وحوار الثقافات باعتباره مجالا حيويا للدراسات المستقبلية في الفكر اّلإسلامي.
10- التفكير في التنسيق بين مختلف مراكز البحث الوطنية والدولية من أجل رصد اتجاهات الأفكار والقيم الدينية في عالمنا
وفي هذا الإطار أعلن مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة عن استعداده للمشاركة في هذا المشروع
11- التداول في شان إنشاء مركز ومرصد للبحوث في حوار الثقافات والدراسات المستقبلية بشراكة مع جامعة ابن طفيل بالقنيطرة وجامعة الفاتح باسطامبول بتركيا.
12- التوصية بطبع بحوث المؤتمرفي كتاب
عن رئيسة المؤتمر بالمغرب الدكتورة مريم آيت أحمد أستاذة الأديان المقارنة وحوار الحضارات بجامعة ابن طفيل القنيطرة