http://kouttab-al-internet-almaghariba.page.tl/
  «كتابات نسائية مغربية »
 

«كتابات نسائية مغربية »

كتبها : مجموعة إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة في السبت، 14 مايو، 2011 

 

«كتابات نسائية» مغربية رواية لفاتحة مرشيد
ومجموعة قصصية لربيعة ريحان
 
 

       فاتحة مرشيد ــ ربيعة ريحان

إكرام عبدي*
«الملهمات» لفاتحة مرشيد عمل روائي جاء في 205 صفحات من القطع المتوسط، صدر حديثا عن المركز الثقافي العربي بيروت والدار البيضاء. جمالية الرواية تكمن في بصمة الكاتبة الخاصة البعيدة عن كل ترهل وتكرار ونمطية، نفس روائي سلس وتلقائي بعيد عن كل تكلف واصطناع مبحر في آفاق مجازية واستعارية غاية في الكثافة والأناقة، وإبحار في عوالم فلسفية فنية جمالية وأدبية كونية غاية في الروعة، فضاء يظل فيه الحزن والألم والفقد والفرح والإلهام والخيانة والرغبة والحنين والتذكر هم أسياد الموقف، وهي رواية تلعب لعبة الحكي عبر حكايتين لأمينة وإدريس اللذين فرقهما حبهما لعمر وجمعهما موته، حكايتان تتناسل منهما العديد من الحكايات الصغرى، حكاية أمينة زوجة عمر الناشر الذي يعاني من غيبوبة إكلينيكية، وحكاية إدريس الكاتب الناجح المدين لكل النساء اللائي ألهمنه، وقدحن زناد الكتابة لديه، وأمام زوجها الغائب تستغل أمينة هذا الصمت القدري الإكلينيكي لزوجها لتبوح بوحا شفيفا وعميقا تستحضر حكايات صغرى كانت تصاحب رحلة صمت وألم مع زوجها، ما كان بإمكانها أن تحظى بهذه الفرصة فيما سبق، وعبر تقنية الفلاش باك تستعيد كل تلك اللحظات سواء تلك التي جمعتها بعمر أو بالمحيطين بها ممن كانوا يملأون


ذاك الفراغ الذي يكبر بداخلها يوما بعد يوم، تقنية استعادية أبرزت قدرة الكاتبة على الولوج لتلك المناطق المعتمة في النفس البشرية، وسبر أغوارها بعيدا عن كل بكائية وذاتية ورومانسية بحس إنساني عال، وبنفس التقنية يسترجع إدريس الكاتب الناجح حكاياته مع ملهماته، فعلاقة كتابته بالمرأة، أشبه بطرس في حاجة إلى حبر يجعل كتابته تفيض استيهامات واخضرارا وضوءا وبهاء وأثيرية، نساء ألهمنه لكن إحداهن كانت السبب في إصابته بسرطان البروستاتا، فكانت المرأة مصدر إلهام وشقاء في الآن نفسه، وهذا السبر في أغوار الذات الإنسانية تفسره فاتحة مرشيد في أحد حواراتها باهتمام خاص بالنفسية البشرية وبالتحليل النفسي. فحكاية المرأة الثرية التي تحس بالضياع والتيه في هجير العالم وفقدان المعنى، لا نجدها في رواية «الملهمات» فقط، بل كذلك في رواية «مخالب المتعة»، فهنا تبرز جرأة الكاتبة على طرح موضوع مسكوت عنه اجتماعيا، وهو موضوع طرح في الرواية العربية النسائية، وإن كانت أغلب الروايات تكرس قدرة الرجل على الجمع بين الزوجة والعشيقة، ففي رواية فاتحة مرشيد المرأة هي أيضا قد تعانق حياة سرية أكثر حرارة ودفئا وإن كانت مرفوضة اجتماعيا، لكنها قد تكون بديلا عن حياة زوجية علنية يلفها الصقيع والصمت. تقول في ص 169 من رواية «الملهمات»: «جميل حقا أن تكون للمرء أسرار خاصة وعوالم سرية تسرح فيها وسط الزحام». وشخصيات فاتحة مرشيد هم من النخبة المثقفة الثرية، لكنها قلقة وحائرة تتجاذبها الكثير من المغريات، المال الثروة الحب الرغبة والمتعة، وحالة اللاتوازن أو القلق الوجودي السارتري الذي تعاني منها شخصيات الرواية أمر طبيعي في عالم متغير انهارت فيه القيم وانجرف فيه الإنسان بشكل خطير في دوامة الآلة الاستهلاكية. وفاتحة مرشيد هي طبيبة أطفال في البداية وشاعرة، حيث صدر لها ستة دواوين شعرية ترجمت إلى عدة لغات، وفاز آخرها «ما لم يقل بيننا» بجائزة المغرب للشعر 2010. فضلا عن روايتين: «لحظات لا غير»، و«مخالب المتعة»، وهذه الانعطافة من الشعر إلى الرواية، هي ما تفسر اللغة الشاعرية التي تنضح بها روايتها ناهيك عن التكثيف الشعري، مما يجعل روايتها كتوليفة حكائية متناغمة ومتماسكة وشاعرية وعميقة تجترح المناطق الصعبة من الوجود الإنساني بجرأة لا متناهية.


* «كلام ناقص» لربيعة ريحان * تعتبر ربيعة ريحان من الكاتبات المغربيات المتميزات اللائي حلقن بأجنحة الحكي والكتابة في نهارات الكتابة القصصية بخطى ثابتة وبخوض جريء في المناطق الوعرة من الوجود الإنساني على مدى عقد من الزمن بإصدارها لسبع مجاميع قصصية وهي: «ظلال وخلجان»، و«مشارف التيه»، و«شرخ الكلام»، و«مطر المساء»، و«بعض من جنون»، و«أجنحة للحكي»، و«كلام ناقص»، ظلت في كل عوالها القصصية تجدد نسغ الإبداع بآليات وتقنيات حكائية لتنتقل من الاحتفاء اللغوي الباذخ باللغة في مجاميعها الأولى إلى الاحتفاء بالمحكي وبالتفاصيل في مجاميعها الأخيرة وخاصة «أجنحة للحكي» و«كلام ناقص»الصادر حديثا عن «دار الياسمين للنشر والتوزيع» بمصر، وهي مجموعة قصصية موزعة عبر 107 صفحات من القطع المتوسط، تجمع بين ثناياها إحدى عشرة قصة، ظلت فيها الكاتبة تسترق السمع لشخصيات صنعتها بكل هدوء وأناة، ضاجة بالأحداث والتفاصيل الصغيرة، كما تسترق السمع للذاكرة بكل أحلامها وشغبها وشخوصها وأمكنتها، وللمجتمع بكل همومه ومشكلاته، وتبوح بوحا شفيفا بلغة بعيدة عن أي تلعثم أو اصطناع، تعانق العامي أحيانا كما تعانق آفاقا استعارية ومجازية غاية في الأناقة والتكثيف، وبوحها ليس من أجل البوح ولكن من أجل التغيير من أجل الكشف من أجل المصالحة مع الذات والأنا ومن أجل تعرية هشاشة المجتمع وهفواته. وهي في بوحها قد تستحضر الذات الكاتبة أي الساردة أو تغيب لتتواطأ مع ضمائر أخرى ذكورية ليس احتماء بها ولا تساميا أو تهربا من أنوثتها، ولكن كي تبرز قدرة الكاتبة على تقمص شخصيات متنوعة بمهارة ويسر بالغين، وقدرة على التنويع في التعبير وطرائق السرد، فهي أحيانا عبد الكبير في قصة «العجوز»، الذي قادته عواطفه الزائدة مع امرأة عجوز إلى مشكلة كبيرة، تحول فيها بقدرة قادر إلى لص محتال، وهي أحيانا الزوج السياسي المتقاعد الذي يدفع في كهولته ثمن إهماله للأسرة طيلة مشواره السياسي في قصة «يا لها من معضلة». وفي تقنية استعادية نوستالجية، تستحضر الساردة صور الطفولة وملامحها وذكرياتها ومغامراتها وآثارها النفسية، بما هي مساءلة لعنف الأسرة ووجع الجسد الغض المثقل بالألم والوجع في قصة «آخر الوجع إطار»، وحنين للطفولة الغامرة بحنان الجدة الضاجة بالحكايات والغبطة والبهجة في قصة «نخب مصالحة» وقد تستعيد شقاوات ذكورية طفولية، من خلال أطفال يتحسسون ذكورتهم بفخر، ودهشة ويمارسون عادتهم السرية بلا سرية في الخلاء الفسيح في قصة «ذكورة». أما نساء ربيعة، فهن نساء جسورات، متعطشات لفعل الخير كابنة عمها كلثوم في قصة «مقام الحرج والارتياب» ومغدقات في الحب والعطاء وحكيمات وقد يصبحن منتقمات، كسعاد زوجة السياسي المتقاعد في قصة «تلك هي المعضلة»، وأحيانا ناقمات غير راضيات عن أوضاعهن يعانين من ارتجاجات نفسية ويسعين للتغيير وهن يمسكن بتلابيب الضياع والفساد كالمراهقة في قصة «كم أشعر بالدوار»، وأحيانا امرأة كاتبة يكبر الفراغ داخلها وعوض أن يقتلها، تقتله بالقراءة والكتابة في قصة «يا لها من راحة». في «كلام ناقص» هذه المجموعة القصصية التي ستكتمل حتما بقراءاتنا وبتأويلاتنا، نسجت ربيعة ريحان عوالم قصصية أو تأملاتها برؤيتها التخييلية والوجودية والفنية الخاصة بها، نسجتها من تيمات عدة الطفولة وكالغياب، التضحية، والدوار، والأنوثة، والذكورة، والنوستالجيا، والغياب، والفراق، والفقدان، والاغتراب، والوهم، والتيه، والارتياب، والأرق.. لكن كل هذه التيمات تتآلف وتتناغم لتتدفق في نهر واحد هو نهر الانتماء والعشق للدفء والدفق الإنساني للقيم النبيلة للعميق وللتفاصيل ولروائح الأمكنة والأزمنة المتجذرة فيها وللذهنية المغربية المحلية والنفس المغربي. مجموعة «كلام ناقص» المذيلة بكلمة الروائي العربي الكبير حنا مينة، هذا الذي كان من بين الأوائل الذين انتبهوا إلى هذا الصوت القصصي الجديد القادم من المغرب، وهو ما يزال في بدايات تجربته مع الكتابة، فدبج مقدمة مركزة لمجموعتها القصصية الأولى «ظلال وخلجان»، مبشرا فيها على حد تعبيره «بولادة قاصة رائعة في المغرب العربي كله، ومعها سيكون للقصة العربية القصيرة شأن آخر مع قصص المرأة في الوطن العربي». * كاتبة من المغرب

عن الشرق الأوسط
 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free