http://kouttab-al-internet-almaghariba.page.tl/
  حاجز
 


 
حاجـز!!!


محمد بنلحسن
لم يدر بخلدها قط لحظة أجاءها المخاض على حين غرة ،أنها ستضع أنثاها الوحيدة في العراء أمام أنظار العدو الجبان المخاتل المهزوز ..استجمعت قواها التي تسلل إليها الوهن وهبت كالصاعقة في وجه الجندي الرعديد تأمره أن يفسح لها المعبر لتمر لمستشفى الولادات ….
ردها العسكري ببندقيته امتثالا لأوامر سيده الأكبر ….تساقطت فوق الثرى والدماء منبجسة من حولها كالأضحية …تزاحم من رافقها من الأسرة أمام الحاجز يلتمسون الإذن بالعبور ….فما زادوا جنود العدو إلا عنادا وغيا ….ناشدها من حام حولها بالعودة من حيث أتت اتقاء للفضيحة …أبت النهوض من مكانها ،وتمسكت بالوضع أمام حاجز المعبر لتوجيه رسالة للعالم حول حقيقة العدو …نادت بأعلى صوتها كاميرات الصحافيين.... المجاورين للمكان …أموت أو أظل حية لا يهمني …المهم أن أنجب من يحرر هذا الوطن من براثن الاحتلال والإذلال ….أوصيكم بمولودي خيرا ….أرجو أن تسموه حاجزا….وفجأة لفظت الرحم مولودة ملأت المعبر صراخا تناثرت شظاياه نحو مسامع جنود الاحتلال ….وفارقت الأم الحياة بعدما نزف جسدها آخر قطرة دم زكية ….كبرت حاجز ، وهي تحمل بين جوانحها الشعور بالمهانة ،وصورة أمها الماثلة في الذاكرة لحظة باغتها المخاض ،وأنجبتها على الحاجز…..لم تذق طعم الحياة منذ وعت مأساة أمها ووطنها الجريح ، فلم تتردد لحظة في الانتقام لأمها الشهيدة ….وفي سن مبكرة جدا حملت على جسدها الغض الطري حزاما ناسفا ،وتوجهت صوب ذلك المعبر حيث سقطت رأسها ،واقتربت من جنوده الغاصبين وفجرت نفسها في وجوههم الغادرة ….وتناقلت وسائل الإعلام ، ومحطاته العالمية خبر استشهاد حاجز أمام الحاجز الذي ولدت فيه ذات خريف حالك…فخاب ظن العدو الذي ظن أن الحواجز والمعابر تقتل همم الأبطال ،فما زادتهم إلا إصرارا وقتالا…..
فاس في :27/05/2010

 
 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free