http://kouttab-al-internet-almaghariba.page.tl/
  تحولات الكتاب في زمن النت
 


عبده حقي

 
تحولات الكتاب في زمن النت
كتبتها: ماري ليبير.
هذا النص هو فيالأصل مساهمة من ماري ليبير في كتاب 'المعركة: من الكتاب الورقي إلى عصر الورقالرقمي'.
وهو مؤلف جماعي تحت إدارة إيريك لوراي، وجون بول لافرانس، المؤلف الذي نشر فيدجنبر 2007 في المطبعة الجامعية بالكيبيك.
ومحتوى هذا النص هو توليفة من كتابي 'تحولات الكتاب في زمن النت الصادر فييوليو/تموز2007، وكتاب '010101' الصادر في سبتمبر (شتنبر)/أيلول 2003.
وقد تم نشرهما على الموقع الخاص بالدراسات الفرنسية NEF كما تم نشره في نفسالوقت من طرف المكتبة الرقمية Numilog.
إن هذين العملين يقتعدان على حوارات مع العديد من المختصين في مجال الكتابوالذين سنثير أسماء البعض منهم في هذا النص.
***
لقد قلب التطور التكنولوجي والإنترنت عالم الكتاب الذي ظهر منذ أكثرمن خمسة قرونفي أشكال مختلفة. هذا الكتاب، وبهذا الشكل الذي بين أيدينا، بدأ يعرف عدة تحولات. فإذا كان الكتاب اليوم مافتئ يحتفظ بمكانته، فإن الكثيرمن دعاماته أصبحت تتطوروالعادات الإنسانية المرتبطة بها بدأت هي أيضا تتغير؛ ولقد بدأت بوادر هذه الحركةمنذ أواسط التسعينيات من القرن الماضي مع ظهورالنص الإلكتروني والناشرينالإلكترونيين والمكتبات على الخطEn ligne والمكتبات الرقمية.
وبلغ هذا التطور شأوا آخربعد سنة 2000 مع ظهور مايسمى بالقاموس على الخطوالقواعد النصية على شبكة النت، والأعمال المتعددة الوسائط والكثير من الكتبالرقمية والكتب الرقمية الخاصة بالمكفوفين وضعيفي البصر وظهرت برمجيات الترجمةوبرمجيات القراءة الحاسوبية إلخ، وأخيرا، وليس أخيرا، نحن اليوم بانتظارالورقالرقمي.
يشكل النت أهم اتجاه للكتاب الرقمي؛ لقد أصبح النت في بضع سنين أضخمأنسيكلوبيديا ومكتبة وأوسع جسم صحافي الأشهر اكتمالا؛ وإضافة إلى كل هذا فالنت باتيقدم خدمات خاصة بالكتاب، مثل رقمنة الأعمال الورقية، خلق برمجيات القراءة، خلقالكتب الرقمية، ووضع آليات للقراءة رهن إشارة جميع القراء.
لقد صار بإمكان المكفوفين وضعيفي البصرالإطلاع على الأعمال العلمية والأدبية بعدأن تم تحويلها إلى كتب رقمية ونشرها على النت. فإلى جانب الكتاب الورقي فقد ظهرالكتاب الإلكتروني الذي يمكن مطالعته على الحاسوب أوجهاز خاص أوعلى لوحة Tablette للقراءة، ومن جهة أخرى فقد تمكن العديد من الكتاب من إستثمار الإمكانيات التيتوفرها تقنية (الروابط المتعددة) من أجل خلق أشكال سردية جديدة.
لقد زلزل العفريت الرقمي عالم النشر الذي عرف باستقراره منذ أكثر من مئة سنة؛وخلافا لبعض تكهنات البعض من ذوي الأحكام المتسرعة التي يطلقونها وخصوصا منهمالأخصائيون المتحمسون للمد الرقمي، فإن الكتاب الورقي لايبدو حتى هذه اللحظة مهددافي كيانه كما أن ساعة احتضار الورق غير واردة في الأفق.
من حظ القراء ومريدي المعرفة والتعلم أننا أصبحنا نتوفر على سندين للتعلموالمعرفة بدلا من سند واحد؛ إن الكثير من الأعمال الورقية الحالية قد تخلصت عن طريقمعالجتها رقميا إنطلاقا من قواعد معطيات الشئ الذي جعل من الأيسر الحصول على نفسالعمل الأدبي بمظهرين: ورقي ورقمي.
وإذا كان العديد من القراء اليوم يستثمرون الكثير من إمكانيات القراءة الرقميةفهذا لا ينفي أن فئة قليلة فقط هي التي صارت تشتغل على (0 ورق ـ صفر ورق) والكثيرمنهم ما فتئوا يعشقون الكتاب الورقي لسهولة استعماله ومن جهة أخرى رغبة في تملكه.
يبلغ عمر الكتاب الورقي خمسة قرون ونصف، أما الكتاب الرقمي فيصعب تحديد تاريخميلاده. فإذا ما اعتبرناه نصا إلكترونيا فإننا يمكن أن نحدد عمره في 35 سنة معإطلاق مشروع (غوتمبرغ) سنة1971 من طرف ميشيل هارت الذي كان يطمح إلى التوزيعالمجاني للأعمال ذات المواضيع العامة بواسطة الفاعل الإلكتروني. وكان على الإنسانيةأن تنتظر تطور النت أواسط التسعينيات كي ينطلق فعليا نشر النصوص الرقمية علىالمستوى العالمي.
أما إذا نظرنا إلى هذا التطور الرقمي من الوجهة الإقتصادية فيمكن القول إنالكتاب الرقمي قد ولد سنة 1998 مع دخول سوق البيع بعض العناوين الرقمية الأولى منطرف دار النشر .com 00www.00h التي انقرضت لأسباب غير معروفة.
لكن باعتماد التجديد فالكتاب الرقمي التجاري سيأخذ انطلاقته الفعلية بعد سنتين (أي سنة 2000) وتحديدا في النصف الثاني منها؛ وهكذا وفي نونبر (نوفمبر) تشرينالثاني من سنة 2000 وضعت (مكتبة بريتيش) على النت الطبعة الرقمية لـ (إنجيلغوتمبرغ) (1454 – 1455) الكتاب الذي لم يسبق طبعه ورقيا.
إن الكتاب باعتباره أصلا عملية تجميع للعديد من الأوراق المطبوعة التي تشكل حجماما؛ فإن إستعمال مفهوم (كتاب) وارتباطه بالصفتين (رقمي) و(إلكتروني) يثير عند البعضبدعة إذا إعتبرنا الكتاب سندا ماديا. لكن هذه الرؤية قد تبدو مقبولة إذا ما أخذنابعين الإعتبار بعده المطبعي. أليس الكتاب محتوى قبل أن يكون سندا ماديا؟
فسواء أكان الكتاب ورقيا أم رقميا فهو بالدرجة الأولى مجموعة من الكلمات نابعةمن شخص يرغب في التواصل بأفكاره ومشاعره أوعلومه في مستوياتها العالية، الرفيعة.
نقول وثيقة إلكترونية؟ وثيقة رقمية؟ كتاب إلكتروني؟ كتاب رقمي؟ يجب علينا أننحدد العبارة الملائمة واللائقة. لقد سبق لـ (جون غابرييل غاناسيا) وهو مديرمجموعةذات اهتمامات علمية(GIS) منذ 1995 أن أشار إلى هذا في تقرير بحث أنجزته شعبةالمستقبليات خصص لموضوع الكتاب الإلكتروني فقد خلص هذا البحث إلى أن مفهوم (الكتابالرقمي) في اللغة الفرنسية يبقى مفهوما قاصرا بل وفي غير محله. إن هذا المفهوم يبدوقاصرا لكون الكتاب يشير إلى سند خاص للكتابة التي هي وليدة حقبة زمنية سحيقة بينماالوثيقة الإلكترونية تتضمن الكتابة والصورة والصوت.
إنه أيضا مفهوم غير ملائم لأننا لا يمكن أن نقارن مفهوم الكتاب بمفهوم إلكتروني؛فنحن بصدد شئ لامادي، افتراضي ومحدد بواسطة مجموعة من الأساليب والطرق المؤديةوهيكلة منطقية؛ فضلا عن أن الأمر يتعلق بشكل محدد ووظيفة محددة، كما تجدر الإشارةإلى أن النظام الخاص بما يسمى الكتاب الإلكتروني لم يحدد بعد من قبل المهتمينوالمختصين.
إنه أيضا نفس الرأي عند (بيير شويتزر) مخترع مشروع @folio اللوحة الرقمية (القراءة الجوالة) الذي كتب في يوليو/تموز 2002 'وكنت دائما أجد أن عبارة كتابإلكتروني عبارة خائنة ومفخخة أيضا؛ لأننا عندما نقول (كتاب) فإننا نرى شيئا مبتذلامن ورق، شيئا أكثر رواجا إلى درجة أنه صار غير ذي قيمة (...) بينما يتعلق الأمرببلوغ ذروة summum التكنولوجيا في هذه الحضارة الرقمية الراهنة.
وإذن فإن مفهوم (كتاب) يعني بالإضافة إلى بعده المطبعي محتوى ما بحيث أن الشئالتقني، العبقري لا نراه يتحقق. ومن هنا فإن البعد الخاص بالكتاب باعتباره شيئاتقنيا يمكننا من التصفيح والتوريق والحفظ والتوزيع والتسويق والنشر والتبادل الخأعمال أدبية وعلوم، كل هذا يبدو أساسيا بصفة مطلقة؛ وعندما نقرنه بـ (إلكتروني) أو(رقمي) فهذا يعني شيئا آخر: إنه لا يعني البعد الأساسي للكوديكس، لكنه العملالخارق، الصموت للتدفق والسيولة التي تمكن من نقل المعرفة عن بعد، وشحن الذاكرةالخ.
وكل هذا لاعلاقة له مع عبقرية الكوديكس الأصيلة؛ إن ما يتعلق بالنت هو شئ آخرمختلف عن تاريخ التلغراف والهاتف ومختلف الشبكات (...) إننا نعيش مرحلة انتقاليةمزعجة موسومة بتعميم الوثائق الرقمية ورقمنة العديد من الوثائق الورقية على أعلىمستوى والتي تبقى رغم ذلك وفية لأصلها الورقي؛ ولأسباب عملية أكثر منها وجدانية فمنالصعب على عشاق الكتاب تجاوز الكتاب الورقي الذي لا يبدو كما يتصور البعض موتهوشيكا في المستقبل المتوسط أو البعيد بل على العكس من ذلك قد يفاجئ الإنسانية بعمرهالمديد.'
في مقال له صدر في فبراير سنة 1997 على صفحات مجلة (إعلاميات – أخبار) ألح بييربيرو مؤسس المكتبة الرقمية (أثينا) (Athena) ألح على التكامل بين النص الرقمي والنصالورقي.
إن النصوص الرقمية في رأيه تمثل تحفيزا على القراءة وإسهاما وافرا في نشرالثقافة، خصوصا في مجال الدراسة والبحث النصي. إن هذه النصوص الرقمية هي بمثابةمكمل للكتاب الورقي الذي سيبقى عنصرا محوريا وأساسيا لا نظير له في مجال القراءةوالتكوين والمعرفة والإبداع. وإذا بات من المؤكد والضروري الاعتماد على النصالرقمي؛ فإن الكتاب الورقي سيبقى كذلك، وإلى ما لانهاية، ذلك المرافق المقدس الذيتلتقي في عمقه الكثير من الرموز: فنحن نضمه بأيدينا، نحضنه، نرنو إليه، يجذبناأحيانا شكله وحجمه الصغير أكثر من محتواه؛ إن (هشاشته) تخفي كثافة فاتنة، مثلالإنسان الذي يخشى الماء والنار، غير أنه مع ذلك يتوفر على القوة التي تجعل كينونةالكتاب الورقي في مأمن من عوادي الزمن.
يبدو إذن أنه من غير اللائق وضع الكتاب الرقمي والكتاب الورقي موضع تعارض كماأشار إلى هذا أوليفيي بوجول رئيس شركة (ليستال) ومقاول مؤسسة (سيبوك Cybook) وهيعبارة عن لوحة إلكترونية للقراءة!
إن الكتاب الإلكتروني الذي يمكننا من القراءة الرقمية لا ينافس الورق فيدجنبر2000؛ بل إنه مكمل للقراءة ويفتح آفاقا جديدة لنشر الأعمال التي تتآصر فيهاالكلمة بوسائط أخرى (الصورة، الصوت، صورمتحركة ...) فالواقع يبين استقرارا فيالاستعمال الورقي في مجال القراءة فضلا أيضا عن تصاعد في صناعة النشر الخاصةبالكتاب الرقمي والكتاب الإلكتروني على غرار الموسيقى الرقمية التي مكنت المولعينبها من الوصول إلى الاستمتاع والإبداع فإن القراءة الرقمية تلغي الكثير من العوائقللوصول إلى (النص) سواء بالنسبة لجيل الشباب أو الأجيال السابقة.
إذا كان البعض قد تسرع في قرع ناقوس الخطر على مستقبل الورق، فإنه أصبح الآن لايتحدث فقط عن (الرقمي الشامل) في المستقبل القريب، بل بدأ يبشر بتجاور بين (الورق) والبيكسيل Pixelويبشر كذلك بالعمل ذي الوجهين (ورقي ورقمي).
ويبقى على الكتاب الرقمي أن يكشف عن مؤهلاته وإضافاته القيمة مقارنة مع الكتابالورقي الذي رسخ دوره في المنظومة الإقتصادية منذ أكثر من خمس مئة سنة ونيف (...) هناك عمل جبار ينتظر الكتاب الرقمي خصوصا ما تعلق بإنشاء سلسلات collections وشبكاتللتوزيع وتحسين أجهزة القراءة وكذلك تخفيض أثمنتها؛ أكثر من هذا على القراء أنيتعودوا على القراءة على الشاشة؛ بما توفره هذه الأخيرة من امتيازات وإيجابيات كـ (البحث النصي، الفهرسة الثابتة).
وبصفة عامة فإن إستعمال هذه الآلات (الحاسوب، الجهاز الشخصي، الهاتف الجوال،السارتوفون، أو اللوحة الإلكترونية، لا يعادل) بأي شكل من الأشكال الوضع والمناولةالمريحة التي يمنحنا إياها الكتاب الورقي؛ ومع ذلك رغم بعض الصعوبات التي تعترضالقراء الرقميين فإن أتباع القراءة الرقمية في تصاعد مستمر؛ وإنهم بانتظار أجهزةللقراءة أكثر تقنية ونجاعة وكتبا وجرائد إلكترونية على أجهزة أكثر مرونة.
ولأسباب مالية بالأساس فالعديد من المنشورات لا تتحقق على اللوحة الرقمية؛فبالإضافة إلى سهولة الحصول على الوثيقة الإلكترنية وثمنها البخس فبإمكاننا تحيينهافي كل لحظة وحين، وهذا هو أوج التقدم الرقمي (...) كما أننا لم نعد في حاجة إلىانتظار طبعة ثانية وثالثة و.. و.. تحت رحمة الإكراهات التجارية وإرغامات الناشرخصوصا ما تعلق بالأعمال والدوريات العلمية والتقنية حيث تكون المعلومة العلميةجديدة وأساسية والتي يجب تحيينها بصفة مستمرة. فالبنسبة لهذه المنشورات العلمية فإنالتكنولوجيا الرقمية صارت تدعو إلى التفكير العام في دلالة النشر والتوجه إلى النشرالأون لاين.
إن السحب الورقي سيبقى أبدا أساسيا؛ فهناك العديد من الجامعات والكليات التيصارت تنشر مراجع 'على المقاس' تتألف من اختيار دقيق للفصول والمقالات على قاعدةمعطيات، التي يضاف إليها تعاليق الأساتذة؛ فبالنسبة لمؤتمر أو منتدى فإن سحب القدراليسير من الوثائق قد يكون تحت الطلب انطلاقا من وثيقة إلكترونية منقولة عبر وسيطإلكتروني إلى إحدى المطابع، بينما المجلات الأونلاينية ذات البث الإلكتروني فإنهاغالبا ما تعتمد على شراكة مع مؤسسة مختصة في الطبع تحت الطلب.
كتبت الباحثة والأستاذة في مؤسسة الدراسات التطبيقية العليا ماري جوزيف بيير، فيفبراير 2003 (يبدو لي أن نشر المقالات والأعمال العلمية قد بات يأخذ أشكالا رقميةالشيء الذي سيمكن الباحثين من استثمار بنوك المعلومات المتطورة جدا والتي ستمكن منالتوصل المباشر والحوار بين الكتاب؛ إن مؤسساتنا مثل (المركز الوطني للبحث العلمي CNRS) قد بادرت إلى تحفيز الباحثين على نشر أعمالهم على الخط (أون لاين) كما حثتالمشرفين على المختبرات العلمية على نشر أبحاثها على الصفحات الإلكترونية وبالسرعةالمطلوبة.
إن علاقاتنا العملية خلال السنتين أو الأربع سنوات القادمة عليها أن تنحو هذالمنحى السابق (منحى البث النتي). فالورق لن يتوارى رغم هذا التطور وأعتقد أن نسبةاستهلاكه سوف ترتفع، لأننا حينما نرغب في الاشتغال على نص ما فإن الكتاب الورقييكون طوع أيدينا وبالسهولة التي نريد، وأعتقد أن الكثير من المجلات الرقمية يتمتحويلها إلى مجلات ورقية؛ فالمرور من البث الورقي إلى البث الأونلايني أو العكسيفسح المجال للمراجعة والفحص واستدراك الثغرات وهذا شئ مهم وأساسي في أي عمل.
إن التكنولوجيا الرقمية تفتح آفاقا واسعة بالنسبة للكتاب المبدعين (...) ففي سنة 2000 قررت الروائية آن بيندك جولي، إنشاء موقعها الإلكتروني لنشر أعمالها وبعدشهرين فقط على وضع موقعها على الويب صرحت 'بعد أن تعرضت الكثير من أعمالي إلىالرفض من طرف دور النشر أجد اليوم هذه الإمكانية الرقمية الباهرة لنشر أعماليوكتاباتي؛ إننا نكتب لكي يقرأنا الآخرون. ومنذ إنشاء موقعي ذاك أعتبر نفسي كاتبةوناشرة وأتحمل لوحدي عبء كل مسلسل العمل الأدبي من الكتابة إلى التسويق مرورا بجميعالعمليات التقنية الأخرى الخاصة بالطبع والتصفيح وإعطاء رقم الإيداع القانوني .. إلخ.
كانت كتبي من قبل لا تتعدى القاعدة العامة 250 نسخة تمكنني بالكاد من استرجاعبعض المصاريف (...) وأعتقد أن النت هو وسيط سريع وعالمي وأنا أجد نفسي جد مقتنعة أنالكتاب الورقي ما فتئ يستهوي الكثير من عشاقه. إن الإشكالية تكمن في نوعية الطبعلدى بعض الناشرين حتى لا نقول تقاعسنا أمام كلفة صناعة الكتاب كما أنهم يفضلون منطقالسوق على المغامرة بنشر بعض الأعمال الأدبية المغمورة.
إذا أجزمنا القول بأن النت والكتاب الإلكتروني لن يعوض بأي حال من الأحوالالكتاب الورقي فإنني جد مقتنعة أن الإبحار في هذه الشبكة التواصلية هو أمر إيجابيبالنسبة للكثير من الكتاب الأقل شهرة.'
يمنحنا البث الرقمي العديد من الإمكانيات الهائلة مهما كان وضعنا الإعتباريكتابا أم روادا.
فقد كتب نيقولا بيوني في فبراير/شباط 2003 'إنني أنظر إلى الكتاب الرقمي فيالمستقبل مثل (العمل الجامع) بين العديد من الأدوات التواصلية بين النص والصوتوالصورة والصورة المتحركة والفيديو والكتابة التفاعلية؛ إنها طريقة جديدة للتصوروالكتابة والقراءة على صفحات كتاب فريد ودائم التجدد.'
أما بيير شويتزر الذي تعرفنا عليه سابقا مخترع مشروع folio@ يعود في يناير/كانونالثاني 2007 ليقول 'إن القراءة الرقمية تجاوزت إلى أبعد مدى، وأبعد جدا سؤالالكتاب أو الجريدة، وهذان السندان سيظلان من دون شك أهم دعائم القراءة التي لن يتمتجاوزها على المستوى التقني وأعتقد أن هذه الثورة الرقمية لن تحقق كل ما يحلم بهالرقميون في طور جيل واحد (...) وسنرى أشكالا أخرى للنشر جد متطورة على الشبكةالنتية. إن النت قد بات يتحدى النشر الورقي ونعني بهذا أسلوب النشر على الشبكة (أسلوب غير مادي = صفر في التكلفة)، أما النشر الورقي فإلى حدود اليوم لم يتمكن منتحديد تكلفاته لذا فقد يحتل فاعلون آخرون مكانته.'
يبدو إذن من العبث بل من الأخطر أن نفكر في تحويل إيكولوجية الورق إلى ملقط جنين forceps. إننا سنهدمها إذا ما أقدمنا على ذلك؛ فبعض المحتويات الخاصة جدا وبعض دورالنشر العلمي وبعض الأدلة (ج دليل) التطبيقية وبعض الكتب التي تلقى بعد (الإستهلاك) jetableمن صنف، وبعض الأجزاء الأخرى تسيطر على طاولات المكتبات العامة يمكنها أيضاأن تتعرض للتحول الرقمي: إن عاداتنا المرتبطة بالقراءة لن تنقلب رأسا على عقب بينعشية وضحاها؛ إنها عادات مرتبطة بعاداتنا الثقافية وهي تتطور ببطء أولا بأول بحسبقبول الأجيال الحالية والقادمة بها.
وفي رأي دونيس زويرن، رئيس أكبر مكتبة رقمية (نوميلوغ) Numilog في حوار صدر سنة 2007 'إن سنة 2008 ستعرف لا محالة انحدارا أوليا في منحنى سوق النشر الإلكتروني؛إذ هناك العديد من المؤشرات على ذلك:
1 ـ تطور الكاتالوغات (الأونلاينية) التي تستعمل بصفة واسعة وظائف البحث فيالكتب المرقمنة، مثلما هو الشأن بالنسبة لمستقبل المكتبة الرقمية الأروبية (فولتيكسشاس أون لاين) أو(غوغل) أو (أمازون)، فبمجرد ما يتم العثور على المحتوى في عمل ماعن طريق أحد محركات البحث فمن الطبيعي أن المستعمل سيطمع في المادة ككل في صورتهاالرقمية.
2 ـ إن العديد من التطورات التقنية الحاسمة على غرار مثلا مقترح تسويق أجهزةالقراءة القائمة على الحبر الإلكتروني التي لاشك أنها ستحسن من تجربة القراءةالنهائية للمستفيد وذلك بتقريبها من القراءة الورقية، مثل أعمال إيريكس أو سونيريدير؛ وفي جانب آخر فإن هذا التقدم يهم أيضا تطور سيمارتوفونات جديدة، ذات وظائفمتعددة مثل (البلاك بري) أو(ليفون) حيث برمجيات القراءة على الحد السطحي قد تطورتبشكل كبير ويتم حاليا التفكير في إطلاق (الأيبوك) على الحاسوب أيضا مثل (الأدوبديجيتال إيدسيون).
3 ـ وأخيرا إن التحول في مواقف الفاعلين في هذا الميدان ناشرين وكتبيين إذ أنالناشرين الأنجلوساكسونيين الجامعيين قد شقوا طريقا لهم، الطريق التي سوف يتبعهاالآخرون من دون شك خصوصا في الولايات المتحدة الأميركية وشمال أوروبا وفرنسا: إنالأمر يتعلق بمقترح أو لنقل بابتداع رقمي جديد لكل الأعمال حتى بالنسبة لبعضالأعمال المغمورة، فالأمر لم يعد يتعلق بسؤال لماذا؟ بل كيف؟ والمكتبات لن تتأخر فيبيع كتاب رقمي يدخل أيضا في إطار مهنيتها العادية.
إن الكتاب الرقمي لم يعد مسألة جدل أو نقاش أو تعريف تصوري أو إختراع من طرفالخبراء: لقد صار منتوجا تجاريا وهو أيضا وسيلة للقراءة وهو ليس في حاجة إلى إنتظارأي نموذج للقراءة أكثر حداثة وأعلى نصية وأكثر غنى على مستوى الوسائط المتعددةمقارنة مع الكتاب الورقي، فالأمر في غاية البساطة يكفي فقط إقتراح نصوص مقروءة بيسرعلى دعامات القراءة الألكترونية؛ إنه لم يعد ولن يكون أبدا مجرد منتوج تافه بل إنهسيصبح منتوجا غنيا بأشكاله المتعددة مثلما كان الشأن للكتاب الورقي.
 
 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free