http://kouttab-al-internet-almaghariba.page.tl/
  التاريخ الذي يبني الهوية
 
 الكونفدرالية الديمقراطية للشغل
في الذكرى 32 لتأسيسها
التاريخ الذي يبني الهوية
أحمد العوادي
في الطابق الثالث بمقر السي دي تي - حي النخيل بالدار البيضاء ،صبيحة يوم السبت 27 نونبر 2010 انعقدت الندوة التي دعا إليها المركز الكونفدرالي للدراسات والأبحاث في إطار أنشطته وبمناسبة الذكرى 32 لتأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في موضوع "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل: تاريخ ونضال"، حيث ترأس اللقاء شعيب حليفي والذي استهل كلمته بالإشارة إلى أن كل مسار تاريخي يؤسس لعدد من الأحداث والأفكار والقيم، وحينما يتعلق الأمر بمسيرة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وهي المنظمة النقابية التي حفرت اسمها وأسماء مناضليها ومناضلاتها في كل محطات تاريخ المغرب الاجتماعي والسياسي، فإن الأمر يصبح أكثر إغراء وثراء باعتبار أن تدوين وتوثيق أهم اللحظات والأحداث التي عاشتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، منذ التأسيس في 25 نونبر 1978 إلى غاية الآن، هو صورة غير رسمية لتاريخ المغرب ووثيقة تكشف عن ثلاثة حقائق من بين أخرى: الحقيقة الأولى: إن هوية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل نابعة من حرارة التفكير والوجدان الشعبي للمغاربة، وإن ولادتها في نهاية السبعينات هو نتيجة حتمية لتفاعلات تاريخية، ومشاعر وقيم ساهمت في رسم الإستراتجية النضالية، وفي تغيير العديد من المسارات الأخرى، حيث أصبحت الطبقة العاملة قوة تختبر فعلها في ميزان واقع متعدد وملتبس، وظلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، باستمرار، ذلك القلب الفاعل والمتفاعل مع كل شرائح المجتمع المغربي. الحقيقة الثانية: إن ما حققته الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وما ستحققه، لم تحققه أية منظمة أو جمعية، بمعنى أن العديد من المكتسبات الاجتماعية والسياسية كانت مبادرات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل فيها حاضرة وفاعلة وداعية، وقد قدمت لأجل ذلك تضحيات لا محدودة. إن دور الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كان وما زال ممتدا في كل النسيج الاجتماعي والسياسي، وضمن كافة الحركات حتى أصبح جزءا عضويا من الهوية، وما تحقق من مكاسب مست أبسط العمال في معامل صغرى أو وحدات إنتاجية، إلى القطاع العام، إلى الحياة اليومية، هو أيضا جزء من النضال من أجل الحرية والكرامة والقيم. الحقيقة الثالثة: ليس في إمكان المؤرخين والمهتمين بالتاريخ الاجتماعي والسياسي، والتاريخ العام إدراك وفهم التحولات بالمغرب الحديث دون استحضار مسيرة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والمتجلية في فعلها النضالي ومواقفها. قراءة في الحصيلة بعد ذلك تناول الكلمة محمد عطيف عارضا لحصيلة نشاط الك.د.ش خلال 32 سنة بالأرقام على المستوى المركزي فقط .مستخلصا الكثافة والدينامية والتنوع ..وجميعها تصب في النضال الاجتماعي الذي يشمل ما هو سياسي واقتصادي . وقد تجلت مجالات هذه الأنشطة في : - عقد مئات الاجتماعات للجنة الإدارية والمجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل المواكبة لقضايانا الوطنية والعربية والدولية . - إصدارالعديد من البيانات والبلاغات المواكبة للتطورات التي تعرفها أوضاع الشغيلة ، وغيرها . - تنظيم عشرات الندوات والأيام التكوينية والدراسية بشكل منتظم ومنسجم . - تنظيم العديد من المسيرات الاحتجاجية والتضامنية مع الشعوب العربية في فلسطين والعراق ولبنان وغيره. - المشاركة في عدة مؤتمرات دولية وعربية. - جعل فاتح ماي من كل سنة مناسبة لتقييم الحصيلة وتسطير البرنامج العام . - اتخاذ عدة مواقف ومبادرات تصب جميعها في اتجاه الدفاع عن وحدة بلادنا الترابية والمطالبة بتحرير سبتة ومليلية وكل الجزر المغربية . وفي محور آخر تحدث محمد عطيف عن أهم القضايا الحاضرة في مسيرة الك.د.ش ومن بينها : طرح الإشكاليات المجتمعية الكبرى في المجالات النقابية والسياسية والاقتصادية والدستورية من قبيل مراجعة الدستور ونزاهة الانتخابات وتوسيع الحريات، للمرور إلى إصلاح نظام الأجور والتعويضات وتوقيف ارتفاع الأسعار والإثراء الفاحش. والنضال من أجل إقرار الحرية للجميع، وتحقيق الديمقراطية. والدعوة إلى التحديث والعقلنة وإلى النقد الذاتي. المطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين النقابيين والسياسيين وإرجاع المغتربين والكشف عن مصير المختطفين والمختفين. والاهتمام بقضايا العمال المهاجرين المغاربة وبالمرأة وقضاياها العادلة .والدعوة، وباستمرار، إلى حوار وطني ومشاورات دائمة بين الحركة النقابية من جهة، وبين الحاكمين والفاعلين والشركاء من جهة ثانية. كما الدعوة أيضا إلى التكتل والعمل الوحدوي المشترك على صعيد الحركة النقابية المغربية والقوى الديمقراطية من أجل توحيد جهود الطبقة العاملة وتقوية الأداء النقابية.والاستحضار الدائم لقضية الوحدة الترابية وضرورة استمرار التعبئة لمواجهة كل تحديات الخصوم .والارتباط بالقضايا القومية العربية والتضامن مع مطالبها العادلة في مواجهة العدوان الامبريالي، والتضامن مع الشعوب الإفريقية المضطهدة وكل الشغيلة العالمية التي تعاني القهر والحيف. وأضاف محمد عطيف دور الكونفدرالية في جولات الحوار الاجتماعي والتي توجت بتحقيق عدة مكتسبات لفائدة الطبقة العاملة المغربية في القطاعين العام والخاص، وبتوقيع عدة اتفاقات هامة ، وهي : 1- اتفاق فاتح غشت 1996 الذي يعد أول اتفاق ثلاثي أبرم بين الحكومة وأطراف الإنتاج منذ الاستقلال . 2- اتفاق 23 ابريل 2000 المعروف باتفاق 19 محرم 1421 ، والذي اكتسى في الواقع طابعا تنفيذيا للالتزامات الواردة في اتفاق فاتح غشت 1996 وجسد لبنة إضافية في مجال التعاقد الاجتماعي. 3- اتفاق 30 أبريل 2003 الذي توج اتفاق الحكومة والمنظمات المهنية للمشغلين والمركزيات النقابية حول مشروع مدونة الشغل وحول العديد من القضايا الاجتماعية ذات البعد الاستراتيجي. 4- اتفاق 28 يناير 2004 الموقع بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين. وقد تمحورت هذه الاتفاقيات حول القضايا الكبرى للملف الاجتماعي ويتعلق الأمر بالحقوق والحريات النقابية وآليات المفاوضة الجماعية. والأجور والتعويضات في القطاع العام والشبه العام والقطاع الخاص. والحماية الاجتماعية والشباك الاجتماعية .و تشريعات الشغل والاتفاقيات الجماعية .والقضاء الاجتماعي. وقضايا التكوين والتشغيل.و سكن الأجراء... وفي ختام عرضه قدم جردا مختصرا لتواريخ دالة ، ذيَّلها بخلاصات عامة. ماذا ينتظرنا ؟ وحول موضوع " النقابي والفعل الاحتجاجي : الالتباسات الراهنة والاستعادات الممكنة "تدخل الأستاذ عبد الرحيم العطري (أستاذ جامعي وباحث سوسيولوجي ) في ثلاثة محاور ، الأول حول الوضع العام بالمغرب ولحظة الالتباس التي هي لحظة الخطر واللايقين .كما عرض في هذا المحور إلى تحديد المفاهيم متوقفا عند مفهومين راهنين هما النقابي المفاوض والنقابي الشريك قبل أن ينتقل إلى مفهوم الاحتجاج الاجتماعي الذي هو خطاب وممارسة له هدف الانتقال من وضع غير مرغوب فيه إلى وضع آخر مرغوب فيه .وعبر هذه التعريفات انتقل الباحث للحديث عن تجربة الك.د.ش في أشكال النضال الاجتماعي خصوصا في إضرابي 1981 و1990 والتمثلات الموجودة . المحور الأخير تطرق فيه الأستاذ العطري إلى أسئلة الراهن المطروحة على الكونفدرالية باعتبار موقعها الذي نحتته في تاريخ المغرب الاجتماعي والسياسي على مدى أزيد من ثلاثة عقود ، وأن الكونفدرالية أمامها مسؤوليات أكبر في مجتمع يزداد هشاشة وخطرا ؛ وتحدث عن ضرورة المأسسة والنقد والمزيد من الإبداع في أشكال النضال. المداخلة الأخيرة تقدم بها عبد القادر الزائر افتتحها بعرض تأطيري وتاريخي لظهور الحركات النقابية عالميا ثم انتقل للحديث عن النواة الأولى للحركة النقابية المغربية ..قبل التوقف عند الكونفدرالية الديمقراطية للشغل..مقترحا المزيد من المأسسة ولا بد من انطلاقة جديدة تدعم المسيرة النقابية الحافلة بالعطاءات .وركز عبد القادر الزاير في جوابه على "ما ينتظرنا؟" والملفات المطروحة بحدة وعلى رأسها الملف السياسي وأهم ما فيه الديمقراطية . وأشار أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أمامها مهام كثيرة سياسية واجتماعية واقتصادية في التعليم والصحة والثروات والوحدة الترابية ...ولابد من تكامل المسؤوليات وحوار وطني ولِمَ لا ثورة ثقافية وطنية تُعبئُ كافة أطراف المجتمع من اجل الإصلاح المنشود . اختُتم هذا اللقاء بحوار عميق وصريح شارك فيه عدد من النقابيين والنقابيات في مسيرة منظمة نقابية حقق تاريخها منذ التأسيس حتى الآن هوية فاعلة تنتصر للشعب المغربي الذي يستحق حياة أفضل .
 
   
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free